عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

استثمار الوقت فريضة إسلامية (1 - 3)

من العجيب أن نعلم بأن إنتاجية الإنسان العربي تقدر بـ 46 دقيقة في اليوم، بينما الياباني تصل إنتاجيته إلي 16 ساعة عمل، وهذا مؤشر خطير علي أسلوب تعاملها مع الوقت، وإهدارنا الواضح لقيمته.

فالوقت ثروة قومية، وأسلوب استغلال الأفراد له يؤثر علي الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية للمجتمع، ولذلك أصبحت إدارة واستثمار الوقت من الموضوعات المهمة التي يتناولها علماء الاجتماع والإدارة في أبحاثهم وكتاباتهم المتنوعة، والدول المتقدمة تهتم بدراسات تخصيص الوقت أو موازنة الوقت، وكيفية توزيعه علي الأنشطة المختلفة التي يمارسها الأفراد.

والوقت من أندر الموارد في هذه الحياة فهو إذا انقضي لا يعوض، ولا يستطيع الإنسان أن يخزنه أو يشتريه، بل هو الحياة نفسها، وعمر الإنسان ما هو إلا ساعات ودقائق وثواني، وقد أقسم الله سبحانه بالوقت في أكثر من آية في القرآن الكريم، فأقسم بالفجر والضحي والليل والنهار والعصر، قال تعالي: «والعصر إن الإنسان لفي خُسر»، و«والليل إذا يغشي والنهار إذا تجلي»، و«والضحي والليل إذا سجي»، و«والفجر وليال عشر».

والقسم بالشيء يدل علي تعظيم المقسم به، فوقت الإنسان هو حياته، ووقته هو نهاره وليله، وهو عمره وكل شمس تغرب هو يوم ينقص من عمر الإنسان، ورصيده الحقيقي هو ما بقي من أيام حياته، كما أن الوقت مال الله، وحرام علي الإنسان أن يضيع مال الله في غير منفعة، لا سيما نحن العرب والمسلمين الذين نوصم دائماً وأبداً بفقدان الهمة والشهية للعمل، ونتهم الكسل والتراخي.

والمسلم مسئول عن وقته يوم القيامة، ومن الغبن أن يضيعه أو يفرط فيه، فقد صح عن الرسول صلي الله عليه وسلم أنه قال: «لا تزولا قدما عبد يوم القيامة حتي يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به».. وجاء في حديث البخاري «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ».

فأعظم وأغلي ما وهبه الله للإنسان بعد نعمة الإيمان في هذه الحياة، هو الوقت الذي هو في الحقيقة الحياة، والوقت الذي مضي لا يمكن استرجاعه أو أي جزء منه، وقد عبر عن ذلك الحسن البصري بقوله: «ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم أنا يوم جديد وعلي عمليك شهيد فاغتنمني وتزود مني.. فإني لا أعود إلي يوم القيامة».

ولقد كان المسلمون الأوائل من أحرص الناس علي اغتنام أوقاتهم، فمن أقوالهم المشهورة في هذا الصدد: «الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك»، أي إن لم تقطعه باستخدامه بالعمل المبرور والسعي المشكور قطعك بالذل والخسران والضياع والهوان، وقال الحسن البصري، رحمه الله وهو يحث علي العمل واغتنام فرصة العمر القليلة: «يا ابن آدم أنت أيام مجموعة، كلما ذهب يوم ذهب بعضك، ويوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل وأنت لا تعلم، فاعمل، فاليوم عمل ولا حساب، وغداً حساب ولا عمل».

وكان الرسول صلي الله عليه وسلم في حياته من أحرص الناس علي اغتنام كل لحظة من لحظات وقته لصالح الإسلام والمسلمين، مهما كانت الأوضاع قاسية وحرجة ليعلم المسلمين اغتنام أوقات عمرهم المحدودة، ولا ينبغي التقصير في القيام بالواجبات حتي في أحلك الأيام وأخطرها.

ولذلك نعيد ونؤكد أهمية الوقت في الإسلام وأهمية تنظيمه في حياة الأمة، ونؤكد مسئولية المربين علي تدريب أبنائهم علي احترام الوقت والاستفادة منه علي أحسن وجه ممكن من خلال الإدارة والنظام والنهج والتخطيط، فمهارة تنظيم الوقت يجب أن تصبح مادة أساسية في مناهج التعليم بالدول العربية والإسلامية، إذا أردنا بالفعل أن نستثمر أوقاتنا ونعرف قيمة الوقت.

إن المسلمين اليوم وقد تأخروا عن ركب الحضارة والتقدم وصاروا في مؤخرة الركب، في حاجة ماسة ليعلموا قيمة الوقت، ويستثمروا فائض هذا الوقت في حياتهم، ويدركوا قيمة العمل، فالأمة التي تجعل العمل من مقومات وجودها، وهدفاً أساسياً لها في الحياة لن تحصد، بفضل الله ثم بعملها، إلا مجداً باهراً وازدهاراً ساطعاً.

وللحديث بقية الأسبوع القادم إن شاء الله.

a_abozied@hotmai.com