رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الحمقى والمغفلون والدولة الدينية

دأب مجموعة من رؤوس الفتنة وأئمة الفساد من الكتاب ودعاة الفكر في مصر، ممن يجهلون الإسلام، ويعرفون باتجاهاتهم وآرائهم المعادية للشريعة والمنهج الإسلامي، سواء من العلمانيين أو الماركسيين، على التعويل بأن الدولة في الإسلام دولة دينية، محاولين الفصل التعسفي الكهنوتي النكد بين الدين والسياسة، أو بين الإسلام ودنيا الناس، والترويج للمقولة الكهنوتية القديمة «دع ما لقيصر لقيصر.. وما لله لله»، ومقولة: «لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين».

فالدكتور يوسف زيدان مدير مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، وهو الرجل الذي حصل على الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية، واطلع على المخطوطات الإسلامية وله مؤلفات عدة فيها، قال كلاما في لقاء بساقية عبدالمنعم الصاوي مؤخرا، لا يصدر عن طفل في مدرسة ابتدائية قرأ كتابا مدرسيا عن الإسلام، فقد تطاول على شريعة الله، ورد أحكام الله، فقال بالنص: «إن المادة الثانية من الدستور المصري، والتي تنص على الاعتماد على الشريعة الإسلامية كأحد مصادر التشريع، ما هي إلا مجرد شعار الناس بتاكل بيه عيش»، وهو هنا يجهل نص المادة التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وليس أحد مصادر التشريع. ثم يقول: «إن تطبيق الشريعة الإسلامية الآن، يعد أمراً صعباً للغاية، متساءلا: لم نطبق الشريعة ونقيم الحدود منذ 1400عام، فكيف لنا أن نفعل ذلك الآن؟، كما أن الله يحاسبنا ويسألنا لماذا سرقنا، ولكن لا يسألنا لماذا لم نطبق الشريعة؟».. وهذا كلام لا ينم إلا عن جهل مدقع سواء بالعقيدة أو الشريعة أو التاريخ.

وهذا الفكر الضال المضلل يردده نفر غير قليل ممن يوصمون بالعلمانية في مصر، وللأسف الشديد تفتح لهم الفضائيات على مصراعيها، حتى بعد قيام الثورة المصرية، وكذلك صفحات الصحف، لكي يبثوا من خلالها سمومهم ضد الإسلام ومنهجه الحكيم، متعللين ببعض التطبيقات الخاطئة للمنهج الإسلامي التي تحدث هنا أو هناك.

فما رأيكم يا جموع الأمة المسلمة في هذا الكلام الذي يردده أولائك النفر من الحمقى والمغفلين من العلمانيين والماركسيين والشيوعيين، أعداء أنفسهم ومجتمعهم ودينهم، الذين يفترون على الله الكذب وهم يعلمون، ويدلسون في الدين، وينادون بالفصل بين الإسلام ودنيا الناس؟.. أيصبح إسلامنا مجرد عبادات لرب العالمين، ويقبع في المساجد، وينفصل فصلا تعسفيا عن شئون حياتنا، من أجل عيون هؤلاء العلمانيين والمنافقين والمرجفين في المدينة؟

ومن العجيب أن من يثيرون هذه القضايا سواء من المسلمين أو غير المسلمين، لا يفهمون الإسلام على حقيقته، ولا يعرفون فحوى النظام السياسي في الإسلام، ومفهوم الدولة في الإسلام، وعلاوة على ذلك لا يعرفون معنى المصطلحات التي يستخدمونها، مثل مصطلح «الدولة المدنية»، ومصطلح «الدولة الدينية»، والمصطلح الكهنوتي الذي ساد في أوروبا في عصور الظلام وما تبعها من نهضة وهو مصطلح «دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله»، والمصطلح الساداتي المشهور «لا دين في السياسة.. ولا سياسة في الدين».

ولقد كتبنا هنا مراراً وتكراراً عن هذه القضية.. ولا مانع من أن نكرر ما قلنا وكتبنا حتى يفهم الشطار، فالإسلام لا يعرف الدولة الدينية التي سادت في أوروبا في عصور الظلام، وكانت الكنيسة فيها تسيطر على كل مقاليد الحياة والسلطة، وتبيع صكوك الغفران لمن يرتكب خطيئة أو جرما من البشر، وهي الدولة التي كانت تعادي العلم والعلماء.

والدولة في الإسلام دولة مدنية، تحكم بقواعد الشريعة الإسلامية التي نظمت كل شئون الحياة، ولا يوجد في الإسلام ما يسمى بالدولة الدينية، فالإسلام دين ودولة لا ينفصل أحدهما عن الآخر، والحكم بما أنزل الله ركن من أركان العقيدة الإسلامية.

وعندما نتحدث عن الإسلام كدين ومنهج حياة، يجب أن نقرر قاعدة ثابتة ثبوت الجبال الرواسي، وهي أن الإسلام يؤخذ من القرآن والسنة، لا من واقع دولة أو جماعة أو تنظيم، ولا تستطيع جماعة بعينها الادعاء بأنها تمثل الإسلام، فالإسلام أكبر وأشمل وأعظم من الجماعات والتنظيمات، وكل يعمل على شاكلته، وربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا.

وما يردده هؤلاء النفر من الحمقى والمغفلين، لا يصدر إلا عن جاهل بحقيقة الإسلام كمنهج شامل وكامل وصالح للتطبيق في كل زمان ومكان، فالله سبحانه وتعالى أراد لهذا الدين أن يسود وأن يقود، ويحكم كل شئون الحياة، بما فيها من سياسة واقتصاد واجتماع وثقافة وإعلام وترفيه، إلى آخر ما تحتويه دنيا الناس، ويريد له هؤلاء الجهلة أن يقبع في المساجد فقط، فلا يخرج الى الشوارع والمنتديات والهيئات ومؤسسات الحكم، وعلى هذه المؤسسات أن تسير على منهج شياطين الأنس والجن.. فهل هذا هو الإسلام الذي أنزله رب العالمين؟ لا والله.

الإسلام لا يعرف الفصل بين الدين والسياسة، ولا يعرف مصطلح «الإسلام السياسي» الذي يروجون له، بل إن سياسة المجتمع والناس جزء يسير من منهج الإسلام الشامل ، والله سبحانه ما أراد للإسلام أن يكون دينا فقط، ولكن أراد له أن يكون دينا ودنيا وآخرة «قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين».

فلم هذا الفصل النكد بين إسلامنا وبين دنيا الناس؟ والله الذي لا إله غيره، ما تخلفنا وتأخرنا وتفرقنا وطمعت فينا أمم الأرض قاطبة إلا عندما تخلينا عن منهج الله وشريعته، وخضعت رقابنا لشريعة البشر، وارتمينا في أحضان الشرق مرة والغرب أخرى، حتى صرنا كالأيتام على موائد اللئام، وتداعت علينا أمم الأرض كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، ألا ترون ما حدث في فلسطين وكشمير والفلبين وتايلاند وسيريلانكا والبوسنة وكوسوفو والعراق ضد المسلمين، إنها أحوال وأوضاع طبيعية لمجتمعات بعدت عن خالقها وخاصمت منهجه، وأعلنت العداء والحرب على شريعته، مجتمعات ابتليت بهؤلاء الكتاب من العلمانيين والماركسيين الانهزاميين الذين جبلوا على النفاق، ومازالوا يرددون حتى اليوم مزاعم وأقوال أسيادهم وشياطينهم: ماركس ولينين وستالين، الذين بادوا وبادت أفكارهم ونظرياتهم في بلادهم نفسها.

إننا نقول لهؤلاء الحمقى والمغفلين والمرجفين في المدينة من المنافقين والعلمانيين: إن ديننا سياسة، وسياستنا دين، والدولة في الإسلام مدنية لا دينية، رضيتم أم أبيتم، ونحن لكم بالمرصاد وإن زدتم زدناكم.

[email protected]