رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جيل الثورة وعصر الدكتاتور

 

بعد نشر مقالي "الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد"، والذي عولت فيه علي أن ما يحدث لمبارك وعصابته اليوم من سقوط وذل وخزي وهوان.. وتبدل الحال بهم من عز وسطوة وسلطان الي قيود وسجون ومحاكمات.. إنما هي دعوات آلاف المظلومين والثكالي والجوعي والمرضي في مصر عبر عشرات السنين من حكمه غير المأسوف عليه.. تلك الدعوات التي سرت بليل فغفل عنها مبارك ورجاله، ولم يغفلها الله.

أرسل اليّ الكاتب الصحفي والأديب محمد القوصي، وهو صديق عزيز، تعقيباً علي ما كتبت، يقول فيه: لعلّ هذا البُعد أو الجانب الذي تطرقتَ إليه غفل الناس عنه، مع أنه السبب الأول، والحقيقي، والمباشر، والمقنِع، والأكيد.

وكنتُ أتمني لوْ أنك أشرتَ إلي أن الذين قاموا بالثورة هم الجيل الذي وُلِدَ في عصر الديكتاتور، وربّاه علي الخلاعة، بلْ أراد له أن يكون جيلاً مسخاً، مشوّهاً، عاراً لأُمته، وما علِمَ أن هذا الجيل سيكون له (عدواً وحزنا)، وقد حدث.

بلْ إنَّ من عجائب صنع الله: أن عصابة مبارك أو عصابة البغي، أمثال: سرور، والشريف، وعزمي، وعبيد، وغيرهم ... - وهم طاعنون في السن- شاء الله أن يعيشوا جميعاً إلي هذه اللحظة الكارثية، ليجتمعوا معاً في غياهب السجون، وليلعن بعضهم بعضاً، وليتبرأ بعضهم من بعض، وليدخلوا تلك السجون التي أعدوها وجهزوها لخصومهم السياسيين الشرفاء.

بلْ، انظر وتأمل كأنها من مشاهد الآخرة .. إذْ يؤتي بالمجرم منهم، ومعه أهله، وشركاؤه أجمعين، أليس ذلك الذي قال عنه القرآن الكريم "لهم في الدنيا خزي"، وأليست هذه هي المعيشة الضنك التي توعدهم بها.

ألا تعلم أن الله يعاقِب حتي في الدنيا، وأن كل جيل يري من العجائب والحوادث كالتي أوردها القرآن في هلاك الأمم والحضارات السابقة، والتي ذكرها في سورة الأعراف، وهود، والشعراء، وغير ذلك .. لكي يؤمن بأنه لا تبديل لكلمات الله.

أليس المجرم من عصابة مبارك يتمني لو ينقذ نفسه بملء الأرض ذهبا؟.. أليس المجرم منهم يتمني لو يفتدي نفسه ببنيه، وصاحبته، وأخيه، ومن في الأرض جميعا .. أليس الواحد منهم يتمني لو كان ترابا؟

ولا ننسي أن هذه العصابة الفاسدة لوْ رجعتْ لأجرمت أكثر مما كانت عليه.. "ولوْ رُدُّوا لعادوا لِما نُهوا عنه وإنهم لكاذبون".

والحق أنني أتفق مع صديقي القوصي في هذا التحليل وذاك التأصيل القرآني لواقع

الحال الذي يعيشه مبارك وعصابته اليوم، وما يواجهونه من مصير مخز بعد أن طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد.. لقد ظهر الفساد واستشري في البر والبحر بما كسبت أيديهم، وما علموا، وهم في نشوة الحكم والسلطة والجاه، أن الله يحصي عليهم أفعالهم، ويملي لهم حتي اذا أخذهم لم يفلتهم.

لقد مكر الله بفرعون عندما كان يقتل ذكور بني إسرائيل خوفا من أن يكون هلاكه علي يد أحدهم، فقضي الله بأن يقوم فرعون بتربية من سيكون هلاكه علي يديه في قصره، وتحت عينه وبصره، "فالتقطه آل فرعون ليكون له عدوا وحزنا، ان فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين".

وها هو فرعون مصر الحديث وعصابته، كانوا يربون شباب الأمة علي الخلاعة والمجون والضعف والخنوع والكره والغناء والموالد والمسلسلات والأفلام، كان يربون أشبال الأسود من أبناء هذه الأمة تربية الخراف الضالة، لكي يحيوا هملا لا وزن لهم ولا قيمة.. وما علموا أن هؤلاء الشباب سوف يصحون يوما من غفلتهم، ويكونون لهم عدوا وحزنا، وأن الثورة سوف تهب عليهم وعلي ظلمهم للبلاد والعباد من جهة هؤلاء الشباب... وهذا والله أخذ ربك للظالمين وأعوانهم "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القري وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد".

لقد ظن مبارك وعصابته بالله ظن السوء فكانوا قوما بورا، فما بكت عليهم سماء مصر ولا أرضها ولا أنهارها ولا زروعها، بل ازدهرت الدنيا كلها يوم رحيلهم، ولسان الحال يقول بعد أن قطع دابر القوم الذين ظلموا: "الحمد لله رب العالمين".. و "بعداً للقوم الظالمين".

[email protected]