عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رتع مبارك فرتعوا.. ولو عف لعفوا

 

رئيس الدولة قدوة لكل من حوله من القادة والمسئولين، وإذا عف الحاكم وتنزه عن المال العام، واتسم بنظافة اليد، فسوف يعف غيره من أكبر إلي أصغر موظف ومسئول في الدولة، ففي عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، انتصر المسلمون بقيادة سعد بن أبي وقاص علي الروم، أرسل عددا من جنوده بتاج كسري وكنوزه وغنائم الموقعة إلي عمر، فلما رأي هذه الكنوز تعجب الفاروق، رضي الله عنه، من أمانة الجنود وعفتهم عما يحملونه من كنوز وغنائم، فكيف تصل الغنائم إليه في المدينة المنورة سليمة من أي نقص أو خلل رغم طول المسافة والزمن، وبكي وقال: إن قوماً أدوا هذا لأمناء، فقال له علي بن أبي طالب، رضي الله عنه،: يا أمير المؤمنين عففت فعفوا، ولو رتعت لرتعوا.

إن عمر قد عف نفسه عن المال العام، فكان، وهو خليفة، أقل المسلمين مالاً وطعاماً ولباساً، كان يأكل مما يأكل منه عامة المسلمين، ويشرب مما يشربون، ويلبس مما يلبسون، لم يميز نفسه عن أحد المسلمين من رعيته، وهو من هو؟ خليفة المسلمين.

عمر الذي لم يرتع في أموال المسلمين، ولم يترك أولاده يرتعون فيها، كما فعل رئيسنا المخلوع، بل إنه عندما علم أن إبلاً لابنه عبدالله ترعي في أرض مملوكة لبيت المال، أمر بمصادرة الإبل وضمها إلي بيت مال المسلمين.. فما بالكم بما نهبه مبارك وجمال وعلاء وأزواجهم وذراريهم وكل أقاربهم حتي الدرجة العاشرة، أو قل المائة.. لقد استباحوا مصر وأموالها وخيراتها وأراضيها لأنفسهم دون من يملكوها من عامة الشعب، فاغتصبوا الأراضي وبنوا القصور التي لم يسكنوها، وكدسوا لأنفسهم تلالاً من الأموال التي لم يصرفوها، وعاشوا في ترف وبذخ، ورتعوا في مليارات الشعب المسكين، الذي يعيش 40٪ من أفراده تحت خط الفقر، ولا يجدوا لأنفسهم حد الكفاف، وهو الحد الأدني للمعيشة.

عمر الذي كان يدرك عظم المسئولية والأمانة التي ألقيت علي كاهله يوم تولي خلافة المسلمين، فكان يحس بمسئوليته تجاه البغلة التي تعثر في أرض العراق لأنه لم يمهد لها الطريق، ويعلم أن الله سوف يسأله عنها.. وكان يحسن اختيار ولاته وعماله من ذوي الخبرة والكفاءة للعمل العام وخدمة المسلمين، فلم يكن يولي أحد لقرابة أو منفعة أو ثقة، وهو لا يصلح لتولي المسئولية.

عمر الذي كان يحصي علي كل والٍ أو عامل قبل أن يوليه ماله، وعند انتهاء ولايته يرد ما زاد في ماله إلي بيت مال المسلمين.. فما بالنا برئيسنا المخلوع الذي كان يعين الوزير وهو مديون بالمليارات، وبعد سنوات قليلة في الوزارة يصبح هذا الوزير وقد صار رصيده في البنوك مليارات كثيرة بعد أن سددت كل ديونه، وهو من؟.. إنه وزير يمنعه الدستور من أن يمارس أثناء وزارته أي عمل تجاري أو اقتصادي.

وما بالنا برئيسنا المخلوع الذي لم يحس يوماً بمسئوليته تجاه ملايين المصريين، الذين ذهب الآلاف منهم ضحية

عبارة الموت أو قطار الصعيد المحترق، أو كارثة العشوائيات في الدويقة، أو حوادث الطرق غير الممهدة، ولم يحس بمسئوليته تجاه ملايين الجوعي والعراة والمعوزين والفقراء الذين كانوا يتضورون جوعا كل ليلة في طول البلاد وعرضها ولا يجدون من يوفر لهم لقمة العيش ويرفع عن كاهلهم غول الأسعار والغلاء.

وما بالنا بالدماء البريئة التي كانت تراق كل يوم علي أيدي المجرمين واللصوص والمسجلين خطر الذي أطلقوا في الشوارع لترويع المواطنين ومص دمائهم.. وما بالنا بملايين الشباب من حملة الشهادات الجامعية الذين تقتلهم البطالة ولا يجدون عملا يقتاتون منه.. وما بالنا بملايين العوانس والعانسات الذين تعدوا سن الزواج ولا يجدون المأوي ولا السكن العائلي، ناهيك عن متطلبات الزواج من شبكة وقائمة جهاز وخلافه؟!

لقد فرح عمر عندما سمع أحد المسلمين عندما تولي الخلافة يقول له: والله يا عمر لو اعوججت لقومناك بحد سيوفنا.. ولو كان أحد قالها لمبارك، لكان مصيره معلوماً للجميع.. بدءاً من زوار الفجر وانتهاء بالموت قهرا وتعذيبا في أحد المعتقلات علي أيدي زبانية أمن الدولة.. أليس هذا هو الواقع الذي كنا نعيشه عبر ثلاثين من السنوات العجاف؟!

لو علم مبارك عظم مسئوليته، وأدرك أنه سوف يحاسب أمام شعبه وأمام الله علي كل قرار اتخذه وعلي كل خطوة خطاها، وعلي كل مسئول ولاه عملا من أعمال هذا الشعب، ما كان هذا مصيره ومصير زوجته وأولاده ومن معه ممن رتعوا في أموال الشعب فنهبوا وسرقوا وبددوا واستباحوا الحرمات.

إن للمال العام حرمة كبيرة لم يحفظها مبارك ونظامه وزبانيته، بل استباحوا هذه الحرمة وسرقوا أقوات وأموال 85 مليون مصري.. رتع مبارك في المال العام فرتع كل من حوله، حتي اتسعت دائرة الفساد، وتضخمت الثروات المنهوبة فأصبحت مئات المليارات، وهي أموال لو ردت إلي أصحابها من أفراد الشعب لأغنتهم جميعا، ولرفعت عن كاهلهم غوائل الفقر والحاجة، وساعتها لن نجد في مصر جائعاً أو مضيعاً أو فقيراً.

[email protected]