رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فقطع دابر القوم الذين ظلموا

 

بسقوط مبارك وعصابته وخضوعهم للمحاكمة، وصدور حكم المحكمة الإدارية العليا الذي يقضي بحل الحزب الوطني، الذي أفسد الحياة السياسية عبر ثلاثين عاما، تطوي مصر وشعبها العظيم صفحة سوداء قاتمة السواد من تاريخها الحديث، وتقطع دابر نظام عاتٍ، بدأت أركانه تتهاوي منذ اندلاع ثورة 25 يناير، نظام صدّق إبليس علي أعضائه ظنه فاتبعوه، وعاثوا في مصر فسادا، ينهبون خيراتها ويسرقون أموالها، حتي امتدت دائرة الفساد واتسعت، لتبدأ من قمة النظام، وحتي أصغر موظف في الدولة يمد يده ليقبل رشوة من مواطن لإنهاء مصلحة له أو طلب في أي جهة حكومية.

لقد ظن مبارك الفرعون في يوم من الأيام أنه سوف يخلد في حياته وبعد مماته، فهو ليس أقل من فرعون مصر، الذي أغرقه الله هو وجنوده في البحر، ثم نجاه ببدنه ليكون لمن خلفه آية وعبرة، .. كان مبارك يقول بلسان الحال عبر ثلاثين عاما: أليس لي ملك مصر، وهذه الأنهار تجري من تحتي.. وما علمت لك من رئيس وزعيم نجيب يحفظ أمنكم وأرضكم غيري .. وأنتم وأرضكم وأموالكم وخيراتكم لي ولأولادي وأحفادي من بعدي.

كان يظن أنه لا زوال لملكه، وأن ما يعيشه هو وأولاده وأسرته من ملك ورياسة وعز وسطوة وجبروت محال أن يزول، فسوف يتوارث أولاده حكم مصر، وسوف يظل فرعون الأب عزيزا كريما حياً أو ميتاً.

ولقد بدا ظنه بنفسه واضحا في المقبرة التي شيدها لعائلته، وهي مقبرة فاقت في رفاهيتها مقابر فراعنة مصر عبر العصور، مقبرة ليست في مقابر الغفير أو مصر القديمة، فهل يدفن الفرعون وعائلته وسط الرعاع من الفقراء والمساكين، ولا يهنأ بالراحة والهدوء وهو ميت، مع تكالب وتصارع ملايين الأحياء من المصريين علي المقابر بحثا عن مأوي، بعد أن عجزوا عن الحصول علي غرفة آدمية بعيدا عن المقابر.. إنها مقبرة في مصر الجديدة بجوار كلية البنات، تحتوي علي العديد من وسائل الرفاهية التي لا تتلاءم مع البساطة التي ينبغي أن تتوافر في المقابر.. لم يكلف إنشاؤها كثيراً من المال.. فالتكلفة مبلغ بسيط جدا: 15 مليون جنيه فقط.. وهو لا يمثل شيئاً بالنسبة لمئات المليارات التي نهبها مبارك وأسرته من أموال الشعب المصري.. 15 مليون جنيه.. تكفي فقط لتجهيز وتزويج ألف شاب من شباب مصر الذين يعانون قسوة العنوسة والبؤس والحرمان.

مقبرة فيها تليفون دولي، ومجهزة بأثاث فخم، وبها تكييف مركزي، يشعر الواقف خارج المقبرة برطوبة الجو، وأرضية الحوش من الرخام المستورد العالي الجودة، وهناك حجرة استقبال خاصة للضيوف، ومطبخ صغير لإعداد المشروبات، وثلاجة كبيرة لحفظ الفاكهة والمشروبات.

ويكسو أرضية المقبرة سجاد إيراني أحمر اللون، وجدرانها من الرخام الطارد للذباب، وحجرة الاستقبال يوجد بها 3 انتريه جلد أمريكي الصنع وصالون مدهّب أثري يرجع إلي عهد الأسرة العلوية، إضافة إلي تواليت مكسو بالبورسالين الأسود وبه بانيو، وحديقة صغيرة جداً خارج المقبرة.. وتوجد حجرة إضافية بجوار المكتبة تحتوي علي أرفف للكتب ومقتنيات خاصة وصور لمبارك وأسرته، وأثاث المقبرة والكماليات الخاصة بها تم استيرادها من الخارج وأشرف عليها مهندسون من باريس.. وتحيط بالمقبرة من الخارج كاميرات مراقبة وحراسة خاصة كانت تعمل، قبل زوال مبارك.

لا أريد أن أتأله علي الله وأقول ما سيقابله مبارك في

هذه المقبرة الفخمة عندما يموت ويدفن فيها، إن كانت الدولة سوف تسمح بدفنه بها، فهذا أمر يعلمه الله، ولكني أتعجب من هذا الترف والبذخ والسفه الذي كان يعيشه مبارك وأسرته وتلك العصابة التي كانت تحكم مصر!!

والأدهي من ذلك أن يأتينا نبأ كلب مبارك هو الآخر بعد أن سمعنا عن مقبرته.. ذلك الكلب »البرنس«، الذي كان يتمتع بحقوق وامتيازات ورفاهية لم يتمتع بها ملايين المصريين من رعايا مبارك.. وأنا هنا لا ألوم الكلب فهو مخلوق يحتاج منا الرحمة والإحسان مثل سائر الحيوانات التي تحيط بنا.. ولكني ألوم صاحبه الذي لم يوفر للملايين من رعاياه واحد في المائة مما وفره لكلبه، مع الفارق بين البشر الذين كرمهم الله سبحانه، وبين الحيوانات.

لقد حظي كلب الرئيس بعناية فائقة، وعلاج علي نفقة الدولة، وأكلات فاخرة لا يحلم بها المصريون، وعندما مات نظمت له جنازة لا يحلم بها أحد من أقارب الرئيس أنفسهم، لا أقول من أفراد الشعب المصري الفقير.

كان »البرنس«ذ  كما يروي أحمد شحاتة، الموظف بقطاع التموين الغذائي لرئاسة الجمهورية - يتناول يوميا كيلو من اللحم، ودجاجة كاملة، و10 أكواب من الزبادي ومربي، وكان يلهو ويستحم في حديقة قصر العروبة، وعندما كان يمرض يعالجه طبيب خاص بأكاديمية الشرطة، وإذا اشتد الأمر لا مانع من سفر الكلب للعلاج بالخارج علي نفقة الدولة.

هذا هو مبارك بمقبرته وكلبه.. مبارك الذي قبع علي صدورنا ثلاثين عاما، استباح فيها الأرض والعرض والدماء، فنهب وسرق وقتل وخرب، وقد نضح فساده علي من حوله فسمح لعصابة من اللصوص أن يشاركوه حكم مصر، وينهبوا منها كيف يشاءون.. ولكن الذنب ليس ذنبه وحده وذنب عصابته.. بل ذنبنا نحن أفراد الشعب، الذين خضعنا وقبلنا الذل والهوان، وكان من الممكن أن نثور في وجه الظلم والظلمة منذ سنوات وسنوات.. فقد تأخرت ثورتنا الشعبية كثيرا، ويجب علينا أن نصحو بعد اليوم.. وكفانا فراعين.. وليذهب مبارك وعصابته بذلهم وعارهم، ويكفيهم حسابهم العادل أمام ملك الملوك، الذي يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء، والذي تعرف موازينه الذرة ومثقال الذرة.

[email protected]