عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لمن الرئاسة اليوم؟

اليوم.. يوم تاريخى مشهود فى حياة الشعب المصرى العظيم.. اليوم يدق الشعب آخر مسمار فى نعش مبارك ونظامه البائد الذى سقط بلا رجعة وصار أثرا بعد خبر.. فلمن رئاسة مصر اليوم؟.. سؤال يطرحه المصريون لأول مرة فى تاريخهم الحديث،

وهم لا يعلمون مسبقا الإجابة عنه، وهذا على خلاف ما عهدناه فى النظام السابق، يوم أن كنا نعرف نتيجة الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية قبل أن تجري، ربما بشهور وسنوات.. يوم أن كان الشعب يحجم عن الذهاب إلى صناديق الانتخاب، ثم نفاجأ بأن نسبة الحضور تفوق الخيال، وأن صناديق الانتخابات قد ملئت ببطاقات الترشيح التى تؤيد المرشح الأوحد، الذى لم تنجب مصر إلا هو فى حكمته وحسنه وبركته وذكائه وفطنته وقدرته على إدارة شئون البلاد والعباد.
أما اليوم وقد سقط آخر فراعنة مصر الحديثة وأهوى به الظلم والقهر والاستبداد والفساد فى مكان سحيق، فإن الوضع قد تغير، وأصبحنا أمام انتخابات حرة نزيهة، نذهب فيها إلى صناديق الانتخاب ونحن لا نعلم يقينا من سيفوز فيها، ولمن الغلبة.. نعم توقع البعض وتكهن الآخرون وتحدث الخبراء والساسة والمحللون، وجرت استطلاعات للرأي، تحدد ترتيب المرشحين، ومن له فرص الفوز فى هذه الانتخابات، ولكن الأغلبية الصامتة التى لا تعرف الفضائيات وبرامج التوك شو والصحف والمراكز البحثية ومواقع الإنترنت والفيس بوك وتويتر، سوف تقول كلمتها اليوم، وتحدد من هو الرئيس ولمن رئاسة مصر بعد الثورة الشعبية العظيمة.
ولقد كتبت عام 2005م مقالا نشر بالوفد يوم انتخابات الرئاسة، التى تقدم لها آخر فراعنة مصر الحديثة ومعه بعض المرشحين السنيدة لكى تكتمل الصورة - مع احترامى وتقديرى لكل المرشحين وقتها- وأنقل للقارئ  هنا بعضا من فقرات المقال لتوافقه مع العرس الديمقراطى الذى نعيشه اليوم، رغم مرور سبع سنوات، واختلاف الظروف التى كتب فيه عما هو حادث اليوم بعد الثورة، حيث كانت الانتخابات تجرى فى ظل نظام مبارك وسيطرة الحزب الوطنى بحكومته وبرلمانه على مقاليد الحكم.. وها هو المقال:
تعيش مصر اليوم حدثا مشهودا لم تره من قبل عبر تاريخها الطويل، فلم يحدث منذ عرفت النظام السياسى بشكله الحديث أن خاض شعبها تجربة اختيار الحاكم من بين أكثر من مرشح، بل كان المتبع منذ قامت ثورة يوليو 1952م، هو نظام الاستفتاء على شخص واحد، أو على زعيم أوحد، لم تنجب أرحام المصريات سواه، فهو وحده القادر على الحكم، ولا زعيم سواه، وهو وحده المستحق لهذا المنصب دون غيره، وعلى الشعب أن يقول نعم للزعيم.
أما اليوم فإن الأمر قد تغير، والشعب اليوم قادر على اختيار من يحكمه من بين عدد من المرشحين لهذا المنصب السيادى الرفيع، الشعب اليوم قادر على التغيير إذا أراد التغيير.. قادر على التغيير إذا خرج اليوم إلى صناديق الانتخاب لاختيار من يرى فيه القدرة على تحمل أمانة الحكم والسير بمصر إلى بر الأمان، ومواجهة المشكلات المزمنة التى عانى منها الشعب سنوات وسنوات، ومازالت تقف حجر عثرة فى طريق التنمية والنهضة الشاملة والتقدم، مثل الفقر والأمية والبطالة والعنوسة والتخلف،

ومشكلات الإسكان والعشوائيات.
إن مصر غنية بمواردها وخيراتها وثرواته، ولكن كثر فيها الناهبون والمختلسون والسارقون الذين يستحلون قوت هذا الشعب وينهبون أموال البنوك، حتى امتلأت كروشهم بالمال الحرام وأوشكت على الانفجار، وغالبية الشعب المسكين المالك الحقيقى لهذه الأموال المنهوبة، يتضورون جوعا، ويبيتون كل ليلة وبطونهم خاوية يشكون إلى ربهم ظلم العباد.. وقد حان الوقت لاختيار حاكم نظيف يتقى الله فى هذا الشعب، ويرد الأموال المنهوبة، ويحاكم أصحاب الكروش المتضخمة، ويطبق عليهم قانون «من أين لك هذا»، حتى ينعم كل مواطن بخيرات بلادة فى جو من الحرية والديمقراطية.
إننا نريد اليوم اختيار حاكم عادل، شفيق على شعبه، رحيم بهم، يحكم بشرع الله، ويعلى كلمة الله، ويحس بمسئوليته كراع تجاه كل فقير وجائع ومحتاج وكل متعطل عن العمل، فلا يبيت شبعانا وأحد أفراد رعيته جائع.
نريد حاكما يكون نصيرا للضعفاء وسيفا مسلطا على الظالمين والمستبدين، لا يعرف القوانين الاستثنائية، ولا يعشق حكم شعبه بقانون الطوارئ.. حاكما الضعيف عنده قوى حتى يأخذ الحق له، والقوى عنده ضعيف حتى يأخذ الحق منه،.. حاكما يجل العلماء والمتمسكين بدينهم، فلا يرميهم فى غياهب السجون والمعتقلات لأنهم يقولون «ربنا الله»، فى حين يطلق العنان لآلاف «المسجلين خطر» لدى الأجهزة الأمنية يعيثون فى الأرض فسادا، ويروعون العباد بما يرتكبونه من جرائم قتل وسرقة ونشل واغتصاب.
نريد حاكما يعتز بدينه وأمته ويعتصم بحبل الله تعالى، ويسير على منهجه فى حكم البلاد والعباد، ولا يخضع لأمريكا أو غيرها من دول الغرب، ويبتغى العزة لديهم، ثم لا يجنى فى النهاية إلا الذل والهوان، والله سبحانه يقول «ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين».
ونريد فى النهاية حاكما عندما يجلس على كرسى الرئاسة، لا يظن أنه قد ورثه عن أبيه وعن جده، ولكن يضع فى يقينه أنه موظف لد الشعب وخادم له، وأن منصب الرئاسة زائل، فقد يزول هو عن الكرسي، أو يزول الكرسى عنه فى انتخابات قادمة، فيعمل على الإصلاح ما استطاع حتى ينال التوفيق من الله العلى القدير.
[email protected]