رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وسام على صدر د. حسين محمود

بدون وساطة بمجهوده الفردي ودون أن يفعل كما يفعل الآخرون يحتل الدكتور حسين محمود، أستاذ الأدب الإيطالي، مكانة مرموقة في إيطاليا، رغم أنه في مصر لم يحصل على ما يليق به من تكريم. حتى أنه في الزمن البائد ترشح عام 2008 وتم اختياره ليتقلد منصبا دبلوماسيا كبيرا في الخارج ولكن تم إرسال أحد أقارب النظام البائد في ذلك الوقت الذين أساءوا لصورة مصر في الخارج. وحينما سألوا وزير التعاليم العالي عن السبب قال إنه تم الضغط عليه لكي يرسل بدلا منه أحد أقارب من يحكمون مصر... هذه حقيقة للتاريخ. وللأستاذ الدكتور حسين محمود تاريخ مشرف في المحافل الدولية وتم تكريمه مؤخرا في إيطاليا، وهو خير ممثل لمصر يعطيها دون أن يطلب مقابلا ولذلك فهو يستحق أن نضع وساما على صدره. فهل آن الأوان أن يتقلد أرفع الأوسمة في الدولة !!!

تخصص في الأدب المقارن وكرس له الوقت والجهد وأسس عدة أقسام للغة الإيطالية وأدبها، في جامعات المنيا وحلوان وجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا حيث يعمل الآن وكيلا لكلية اللغات والترجمة.
ويبدو أنه له هواية خاصة في التأسيس، ففضلا عن تأسيس الأقسام المشار إليها، أسس أيضا العديد من الصحف المصرية والعربية، باعتباره كان صحفيا ولم يهجر مهنة البحث عن المتاعب إلا عام 1999 ولكنها لم تشأ أن تتركه، فأصبحت حياته مقسمة ما بين الجامعة وما بين التعاون الصحفي.
ومن المعروف عن تاريخ الدكتور حسين محمود أنه عمل بالصحافة فور تخرجه عام 1976. فكان ضمن كتيبة الشباب الذين اختارهم كاتبنا الكبير الراحل أنيس منصور ليصدر بهم ومعهم مجلة أكتوبر التي شهدت عصرها الذهبي في عهده، وكان هو المعلم الأول الذي تتلمذ ضيفنا على يديه وتعرف منه على أسرار الإبداع الصحفي من الألف إلى الياء.
وفي فترة الثمانينيات وحتى منتصف التسعينيات سافر الزميل الدكتور حسين محمود إلي المملكة العربية السعودية لينخرط في العمل الصحفي على المستوى العربي فعمل في العديد من الصحف السعودية منها (الندوة) والشركة السعودية للأبحاث والنشر التي تصدر جريدة الشرق الأوسط وهناك أسس مجلة السيارات، وقبل أن يترك السعودية كان قد شارك في تأسيس مجلة الأهرام العربي مع أسامة سرايا الذي كان يدير مكتب الأهرام في مدينة جدة السعودية.
الكتابة بالنسبة له لا تعرف حدودا، والثقافة هي همه الأول فيما يكتب، سواء كتب في السياسة الخارجية التي تخصص فيها، أو كتب في الفن أو الرياضة أو الأدب الذي أصبح اليوم يحتل مرتبة الصدارة في اهتماماته الصحفية، حيث ينشر مقالا شهريا في مجلة "الدوحة" الثقافية، كما ينشر مقالاته في أخبار الأدب وأخبار اليوم وروزا اليوسف. أ
والدكتور حسين محمود صورة حقيقية من الكفاح نابعة من الحارة القاهرية التي شهدت مولده في حي شبرا العريق، وتوج نجاحاته بأن حصل على أعلي المركز العلمية في الجامعات المصرية، وعمل أستاذا زائرا في جامعة روما، والقى محاضرات في جامعات بيسكارا وروما وبرجامو ونابولي الشرقية ونابولي للدراسات وباليرمو.
وفي روما شارك في تأسيس نظرية جديدة في الأدب المقارن بدأت بأفكار فليسوف إيطالي هو أرماندو نيشي، الذي أسس لنظرية التخلص من الاستعمارية ردا على دراسات ما بعد الاستعمار التي غرق فيها المقارنون العرب، واهتم على نحو خاص بأدب الهجرة، خاصة وأن ظاهرة الهجرة أصبحت مصدر أرق للحكومات العربية والغربية، وكأنها عار لابد من اخفائه، ولكن نظرية نيشي الجديد وضعت كل آمال أوروبا في تجديد شباب حضارتها على اسهام المهاجرين.   وتركز هذه الدراسات على الإسهام العربي في تكوين الثقافة الإيطالية علي مر العصور وخصوصا في العصر الحديث الذي نعيش فيه الآن على اعتبار أن هذه الروابط الأدبية الأجنبية في إيطاليا تضخ دماءا جديدة في عروق وشريان الأدب والثقافة الإيطالية والأوربية بشكل عام.
ومع نيشي وصل العالمان المصري والإيطالي إلى أن التغول الاستعماري أدى إلى القضاء على ثقافات محلية وطنية كثيرة في معظم أنحاء العالم التي بليت بكارثة الاستعمار الأوربي. والفكرة التي انطلقت منها في هذه الدراسات اعتمدت على مفهوم وصفه أستاذ فقه اللغات الرومانسية بجامعة فلورنسا بأنه يمثل عقدة المدين، فعندما يشعر المثقف الأوروبي أنه أخذ من الحضارة العربية الإسلامية شيئا لا يريد أن يعترف بذلك مثله مثل المدين الذي يكره دائنة ويتهرب منه ولا يريد أن يسدد له الديون. فكانت الفكرة مناقشة الدائن والمدين في التواصل الثقافي من الشرق والغرب ومن أخذ من ومن يجب عليه رد الدين. ويستمر الدكتور حسين في حديثة ليقول: وجدت الغرب لازال يأخذ منا ومازال في حاجة إلي روافد ثقافية جديدة لأن المجتمع الأوروبي طاعن في العمر والمسلمون في الغرب أصبحوا بأعداد كبيرة جدا، وأصبح هناك أجيال جديدة ولدت وكبرت وتعلمت في أوروبا في ظل اختلال في تعداد سكانها بسب قلة المواليد والتي نعرف من خلال الإحصائيات الرسمية للمواليد أنها وصلت في بعض البلدان إلى معدل الصفر سنويا، وهو ما يعني أنه ليس هناك نمو في المجتمع وأنه بدأ يشعر بالكهولة والترهل وبالتالي فهو في حاجة إلي دماء جديدة لإحياء الثقافة الأوروبية، وبالتالي كان هذا الإسهام من الأدباء المهاجرين خاصة من العالم العربي. واعتقد انه عندما تتصفح قاعدة البيانات التي تسجل أسماء الأدباء الأجانب المهاجرين إلى إيطاليا والذين يكتبون باللغة الإيطالية سوف نجد أسماء كثيرة عربية الأصل منها أدباء مصريون وجزائريون وتونسيون وأيضا من سوريا والعراق.
كل هذا أدى إلى تطوير نظرية جديدة أطلق

عليها اسم "Transculturazione" وهو مصطلح يعني "عبور الثقافة للحدود القومية"، دون أن يكون لثقافة فضل على أخرى، ودون أن تكون هناك ثقافة عالية وأخرى وضعية، ولكن التلاقح بين الثقافات هو الأمر الطبيعي والتلقائي الذي يحكم حركة الأفكار الحرة بين أجزاء الأرض المختلفة.
وعن حركة الترجمة إلى اللغة الإيطالية للإبداعات العربية الإيطالية قال الدكتور حسين محمود إن فوز الكاتب الراحل نجيب محفوظ الحائز بجائزة نوبل العالمية في الأدب فتح بابا كبيرا لترجمة الأعمال الأدبية إلى اللغات الأوربية المختلفة وبصفة خاصة اللغة الإيطالية التي لم تكن تعرف سوي عمالقة الأدب المصري مثل الراحل توفيق الحكيم والراحل الدكتور طه حسن قبل أن يفوز الكاتب الكبير نجيب محفوظ بجائزة نوبل ولكنها بعد فوزه بهذه الجائزة أصبحنا نري الآن ترجمات كثيرة للأدباء العرب. لكنهم يخضعوا إلى انتقائية من جانب المترجمين الأوروبيين وإلى الروابط الشخصية بين هؤلاء المستعربين والمترجمين من الأدباء في الشرق العربي وطبقا للمكان الذي تلقي فيه المترجم المستعرب تعليمة. فإذا كان تلقي تعليم اللغة العربية في تونس فانه يكون أقرب للأدباء التونسيين وإذا تعلمها في فلسطين يكون أقرب للأدباء الفلسطينيين وإذا تعلمها في مصر وهم قليلون يكون انتماءهم أقرب للأدباء المصريين. ولكنني أري لكي أشجع حركة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإيطالية بالتحديد لابد من شيئين: -
أولا: -تشجيع وتقديم منح دراسية لطالب اللغة العربية الدارسين في الجامعات الإيطالية لكي يتعلموا في مصر ولكي تصبح مصر وطنهم الثاني ويصبح هناك نوع من الانتماء والتعرف والتعارف على حركة الأدب المصرية.
ثانيا: -وهذه التجربة عشتها بنفسي شخصيا ووجدت أن وزارة الخارجية الإيطالية تقدم دعما كبيرا جدا لترجمة الأعمال الأدبية الإيطالية إلى اللغة العربية وتدفع بسخاء أو على الأقل تدفع لأنك تعرف جيدا أن النشر في العالم العربي ليس مجزيا ولا يستطيع الإنسان أن يعيش من كتاب بل العكس أحيانا يعيش الكتاب عليه ويأخذ من نفقات بيته ونفقات حياته لكي ينشر كتابا، ويعلم الله كم يوزع، إلى جانب ما تعرفه من مشاكل النشر العربية الكثيرة. لذلك أنا أدعو وزارة الخارجية المصرية أو الحكومة المصرية أو وزارة الثقافة المصرية أيا أن كانت الجهة أن تضع في حسبانها برنامج لدعم وتخصيص أموال لدعم الترجمات من اللغة العربية إلى اللغات الأوربية لكي تدفع وتساهم في دفع أجرة الترجمة على الأقل. لقد سمعت من يطالب أن نترجم نحن إلى اللغة الأوروبية وأنا أعتقد بأنه ليس في ذلك فائدة كبيرة. فما معني أن نترجم لأبوالمعاطي أبوشارب قصة أو رواية باللغة الإيطالية ثم نضعها في مكتبة في ميدان التحرير: من يشتريها؟ من سيعرف بها؟ لدينا أيضا ثروات فنية كبيرة في جميع المجالات ظهرت في مصر مؤخرا مثل فنان الكاريكاتير عمرو عكاشة. الحل الأفضل أن نستضيف مترجما إيطاليا ونعثر على دار نشر إيطالية تساهم وتدعم عملية النشر ودفع حقوق المؤلف أو دفع أجر الترجمة ثم يستفيد الناشر من وراء ذلك من طبع ودعاية إعلامية وبيع الكتاب. ولابد من أحياء حركة التبادل الثقافي بين مصر وإيطاليا وخصوصا بزيارة ومحاضرات ومؤتمرات للأدباء والفنانين المصريين في العواصم الأوروبية وخاصة العاصمة الإيطالية روما لأنها الأقرب لنا وهي النافذة الحقيقية فيما بعد إلى باقي الدول الأوربية. ولابد أن نستثمر حالة الاهتمام والولع بالثقافة المصرية الآن.  وفي هذا الإطار فأنني أطالب بتحويل المركز الثقافي المصري الموجود في روما إلى مستشارية بدلا من ملحقية لكي يستطيع المكتب الثقافي تحقيق منجزه الثقافي وتدعيمه بالكفاءات من العاملين إلى جانب الدعم المادي لكي يقوم بدور ثقافي وهو دور هام بالتأكيد.
[email protected]