رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

مواسم المنع والعطاء يحددها الكبار داخل الغرف المغلقة التى لا تتسرب منها أقوالهم، بل عليك الانتظار لتترجم تلك الأقوال التى سبقها بالطبع أفكارهم وتتحقق على أرض الواقع، وتحصد أنت نتاجهم أيها المواطن، لأنك المستهدف وإن كنت لست مدعوًا لهذا الاجتماع أو ذاك، أواصل هنا الحديث عن عصبة أو نادى «بيلديربيرج» أو بالهولندية «بيلديربيرخ» نادى كبار الأثرياء ورجالات العالم من أصحاب السلطة والنفوذ والذى بدأت السرد عنه الأسبوع الماضى.

فى عام من أعوام الحرب الباردة التى تلت الحرب العالمية الثانية، وتحديدًا فى 1954، دعا أمير هولندا بيرنهارد «والد بياتريكس ملكة هولندا فى حينه» إلى عقد منتدى يتم من خلاله طرح الأفكار والخطط لمواجهة مد الأفكار الشيوعية فى بلدان أوروبا الغربية وذلك بمساعدة أمريكية، ولدعم العلاقات الأوروبية الأمريكية تتويجًا أيضاً للشعور الأوروبى بالعرفان بعد تنفيذ خطة مارشال لإعمار دول أوروبا التى دمرتها الحرب، وهو المشروع الذى تبرّعت الولايات المتّحدة بـ17 مليار دولار للتعافى دول أوروبا من أثار الحرب العالمية الثانية. 

وعقد المنتدى فى هولندا فى فندق «بيلدربيرخ»، فأطلق الأمير بيرنهار اسم الفندق على هذا المنتدى الذى كان على رأس حضوره الملياردير ديفيد روكفلور رجل المصارف المعروف، بجانب عدد كبير من رجالات المال والأعمال والشخصيات السياسية والعسكرية والاستخباراتية من أميركا وأوروبا، وخلف جدار من السرية الشديدة تم مناقشة العديد من الملفات العالمية، الاقتصادية، العسكرية، السياسية دون تدوين أى محاضر للجلسات، وفى منع تام لكل وسائل الإعلام، لكن تم استنتاج المواضيع التى جرت من نوعية الشخصيات المشاركة، وهى شخصيات مؤثرة ولها ثقل عالمى لا يمكن تجاهله.

لم يتنبه المواطنون العاديون فى كل دول العالم لهذا المنتدى الذى أصبح تقليدًا سنويًا، يعقد فى شهر يتوسط العام، مايو، يونيو، هكذا، وسبب عدم الانتباه لتلك العصبة واجتماعهم الغامض كما سبق القول للسرية التى تم ضربها حوله كسياج فولاذى لا تنفذ منه تصريحات ولا تسريبات، ولتغير الشخصيات المهمة التى تتدعى لهذا المنتدى فى كل مرة، وأيضاً تغير المدينة التى يعقد بها، والغريب فى الأمر أن منتدى «بيلدربيرخ» لم يتوقف أو ينفرط عقده حتى بعد إطلاق منتدى دافوس العالمى، والذى يعد رمزًا رسميًا «للنخبة العالمية» التى توجه لها أصابع المسئولية وأيضاً الاتهامات لخلق الأزمات الاقتصادية أو حلها.

ومعروف أن منتدى دافوس الاقتصادى العالمي– نسبة إلى منتجع دافوس بسويسرا- عقد أول مرة عام 1971 تحت شعار «تحسين وضع العالم» وهو يضم أيضاً كبار رجال الأعمال والسياسيين وكبار المشاهير فى العالم، قادة قطاع الأعمال والتجارة والمجالات الأكاديمية والأعمال الخيرية، لكن الفارق بينه وبين «بيلدربيرخ»، أن دافوس معلن الأهداف، له أجندته التى توزع على وسائل الإعلام التى يسمح لها بتغطية الجلسات، وإجراء اللقاءات مع أعضاء المنتدى، ونشر كافة المعلومات حول ما يدور به، بما فيها تلك الصفقات الاستثمارية والتجارية التى تتم بين الشركات.

ونعود لمنتدى «بيلدربيرخ» الذى لم يذاع سره إلى أن قام صحفى إسبانى يدعى «لويس جونزاليس ماتا» للحديث المعلن عنه، حيث فجر عشرات التساؤلات الخطيرة حوله عام 1979 فى كتاب أصدره بعنوان « آسياد العالم الحقيقيون»، وذلك على أصداء تفجر فضيحة فساد مالى تورط فيها الأمير بيرنهارد لأنه فضل شركة أمريكية لصناعة الأسلحة لتسليح الجيش الهولندى عن أخريات مقابل عمولة، مما أدى إلى تسليط الضوء الإعلامى نسبيًا على المنتدى الذى كان يرأسه الأمير برنهارد منذ انطلاقة، وأدت الفضيحة إلى انسحاب الأمير الهولندى من رئاسة المنتدى، لكن بقعة الضوء كانت قد اتسعت لتسلط حول هذا المنتدى الذى تسرب منه فساد رئيسه وجانب مما يجرى بين الجدران من موضوعات تتعلق باقتصاد العالم والصفقات الكبرى، وحركة المال والأعمال، وارتباط كل هذا بالسياسة والأمن وأجهزة الاستخبارات.

وللحديث بقية

[email protected]