عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صواريخ

قبل أيام كشف تقرير لمعهد استوكهولم الدولى لأبحاث السلام عن ارتفاع قياسي للإنفاق العسكرى بشكل مبالغ فيه، ولم يحدث منذ عام 2009، حيث بلغ حجم الإنفاق 2.4 تريليون دولار، وكشف التقرير عن أن زيادة النفقات العسكرية الكبيرة تصدرتها الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 37٪، ثم الصين بنسبة 12٪ أى حوالى نصف الإنفاق العسكرى العالمى.. بينما تقاسمت روسيا وأوروبا ودول الشرق الأوسط وآسيا النصف الثانى من الإنفاق العالمى، وتأتى خطورة وأهمية التقرير فى الكشف عن توجهات القوى الكبرى نحو التصعيد العسكرى واستخدام القوة لفرض النفوذ والهيمنة كسياسة راسخة وعلى رأس هذه الدول تأتى الولايات المتحدة الأمريكية التى تجاوز إنفاقها العسكرى أكثر من ثلث الإنفاق العالمى فى دلالة كاشفة لسياسة وتوجهات الولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك لم يكن مستغربًا موافقة مجلس النواب الأمريكى قبل أيام قليلة على تقديم حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل بقيمة 26 مليار دولار فى تأكيد على استمرار نفس السياسة وتورط الولايات المتحدة الأمريكية فى هذه الحرب وعمليات الابادة الجماعية والتطهير العرقى التى تمارسها إسرائيل فى حق الشعب الفلسطينى.

المؤسف أن استمرار الولايات المتحدة الأمريكية فى الدعم اللا محدود لإسرائيل لن يخدم هذا الكيان الصهيونى، بعد أن أكدت كل التجارب السابقة فشل هذا المشروع على كل المستويات، ورغم مرور أكثر من سبعين عامًا على قيام دولة إسرائيل، ودعمها على شتى المستويات فى كل حروبها السابقة بداية من حرب 48 وحتى هذه الحرب، وأيضاً المساهمة فى عمليات الهجرة إلى الداخل الإسرائيلى ودعمها الاقتصادى والعسكرى والاستخباراتى والإعلامى، إلا أنها كمشروع صهيونى عالمى أكد فشله، وبدلاً من أن تتحول إسرائيل إلى دولة راسخة تمثل ركيزة لأمريكا ودول الغرب فى منطقة الشرق الأوسط والدول العربية، وتحقيق مصالح الغرب، باتت تشكل عبئاً كبيراً وما زالت تحتاج إلى الحماية والمساعدة بعد أن أكدت الحرب الأخيرة أنها دولة هشة وخاوية وغير قادرة على حسم معركة طوال ستة أشهر فى مواجهة بعض الفصائل التى لا تمتلك واحداً على مليون من ترسانتها العسكرية، فى دلالة قاطعة على ديمومة هذه الدولة إلا من خلال التعايش السلمى والاعتراف بالحق التاريخى للشعب الفلسطينى فى أرضه ووطنه، وقيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو طبقًا لقرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية، وهذا لم يتأت إلا بقناعة الولايات المتحدة الأمريكية بأن هذا هو السبيل الوحيد لأمن إسرائيل واستمرارها.

الحقيقة أن استمرار الولايات المتحدة الأمريكية فى زيادة الإنفاق العسكرى وتقديم مساعدات عسكرية هائلة إلى إسرائيل، هى رسالة ضد السلام والإنسانية، وتفقد الولايات المتحدة الأمريكية مكتسبات كثيرة حققتها منذ انفرداها بالهيمنة على العالم بعد سقوط الاتحاد السوفيتى، وأيضاً تتسبب فى إسراع الخطى نحو عالم جديد متعدد الأقطاب وسوف تدرك أمريكا يومًا ما أنها خسرت الكثير بسبب الدعم غير الشرعى وغير المحدود للكيان الصهيونى، وليس أدل على ذلك من مقال الكاتب الشهير توماس فريدمان المعروف بانحيازه التام ودعمه لإسرائيل، ومع هذا كتب مؤخرًا مقالاً هامًا فى صحيفة النيويورك تايمز حول تداعيات الحرب على غزة وارتفاع عدد الضحايا والمشاهد المروعة التى تناقلتها وسائل الإعلام العالمية وتأثير السوشيال ميديا وغيرها من الأحداث التى وقعت فى هذه الحرب وجعلت من إسرائيل دولة منبوذة عالميًا، وأيضاً أفقدتها مصداقية قوة الردع والصورة الذهنية السابقة.. وانتهى فى مقاله إلى نصيحة الحكومة الإسرائيلية بسرعة وقف هذه الحرب واستعادة الرهائن والانسحاب من غزة وإعادة التفكير فى كل شىء من جديد.. وفى اعتقادى أن هذه الرسالة الهامة كان الأجدى أن يوجهها فريدمان إلى الإدارة الأمريكية باعتبارها صاحبة القول الفصل فى هذه الحرب، ومستقبل القضية الفلسطينية.

حفظ الله مصر.