رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الأزهرى يكشف الأخطاء التاريخية لعقلية التيارات المتطرفة

بوابة الوفد الإلكترونية

بينما تتواصل معركة الوطن في محاربة جحافل الإرهاب الأسود في سيناء وغيرها، تتوازى معها أيضاً معركة لا تقل عنها أهمية، وهي المواجهة الفكرية للتطرف ولأصوله وجذوره، بهدف كشفه وتعريته وفضح تلاعبه بالدين لخدمة الأهواء الشخصية والمصالح السياسية.

في إطار هذه المواجهة تأتي الدراسة المهمة للدكتور أسامة الأزهري، في كتابه «الحق المبين في الرد على من تلاعب بالدين»، التي تتناول المفاهيم المغلوطة التي يقوم عليها البناء الفكري لجماعات التطرف، بداية من الخوارج ومروراً بالإخوان وانتهاء بـ «داعش».

وذلك بتصحيح هذه المفاهيم وفقاً لما توافق عليه علماء الأمة المجتهدين، وطبقاً لصحيح الدين والشرع، وعلي رأسها مفاهيم الحاكمية، والتكفير، والجاهلية، ودار الكفر ودار السلام، والجهاد، والتمكين، والوطن، واحتكار الوعد الإلهي.

وهي دراسة تستند علي المنهج الأزهري وأدواته العلمية التي ترسخت عبر قرون عديدة، وفي إطار تجديد للخطاب الديني الذي يقوم علي تنقية ما علق بالشرع الشريف من مفاهيم مغلوطة أو تأويلات منحرفة، أو استدعاء خاطئ لآيات القرآن في غير ما قصدت إليه، وإعادة إبراز مكارم الشريعة وسمو أخلاقها، ورصانة علوها، عن طريق تفعيل مناهج الاستنباط المنضبطة الرصينة، دون ادعاء بأن الأزهر يحتكر لنفسه حق تأويل النص أو أنه يقصر المعرفة علي نفسه دون غيره.

وعبر مناقشات مستفيضة لهذه المفاهيم المغلوطة، والرد عليها بالأدلة الشرعية من القرآن والسنة، وغيرها من مصادر الفقه، تنتهي الدراسة إلي تحديد مجموعة من القواعد التي غابت عن عقلية التيارات المتطرفة، حتي أدت إلي وقوعها في كل تلك الأخطاء التاريخية.

وانتهت إلي أنه عند دراسة قضية من القضايا، والانطلاق إلي الوحيين الشريفين لاستجلاء الهدي منهما، ينبغي الالتزام بمجموعة من الإجراءات العلمية، أهمها جمع كل الآيات والأحاديث المتعلقة بالقضية، حتي يتاح النظر في القضية بصورتها الكلية الكاملة، من خلال مجموع مفرداتها ومتعلقاتها، وإلا فإن انتزاع أحد النصوص دون ما يتعلق به ويتممه ويكمله يجعل الآية كأنها سمكة أخرجت من الماء، ولا يقتصر استخراج الأحكام والمفاهيم علي الآيات الكريمة المتعلقة بالفقه فقط، بل كل آية من آيات القرآن يمكن أن يستخرج منها حكم ومفهوم، سواء منها ما ورد في الفقه، أو القصص وأخبار الأمم الماضية، أو غير ذلك.

بالإضافة إلي حسن تركيب النصوص، وضم بعضها إلي بعض، حتي يتقدم منها ما حقه التقديم، ويتأخر ما حقه التأخير، لتيسير التوصل إلي العام والخاص، والمطلق والمقيد، مع حسن النظر في جهات الدلالة ومعرفة مدلولات الألفاظ، مع الإلمام بلسان العرب وعلوم العربية.

كما تحذر الدراسة عند النظر والاستنباط، من الدخول من القرآن بتصورات مسبقة، تملأ الذهن، تنطلق لتستنطق القرآن بما يراد، بل يجب إحكام النظر ليقود إلي ما تفيد دلالته وألفاظه، وما يلوح منه من هداية.

وتشدد علي ضرورة عدم استنباط من القرآن يكر علي مقاصده وعموم مراده بالبطلان، لأنه يجوز أن يستنبط من النص الشريف معني يخصصه أو يعممه، ولكن لا يستنبط منه معني يعود عليه بالبطلان، فمن استنبط من القرآن معني يكفر به

الأمة، ويجعلها في جاهلية كفر وشرك، وتخرج عليها بالبغي، ثم يسمي البغي جهاداً، ويدعي أن هذا الدين قد توقف وجوده قبل قرون، فإنه استنباط يعود علي القرآن نفسه بالبطلان، وإلا فكيف نقل القرآن والحديث والعلم علي يد أجيال وقرون كافرة، وهذا استنباط باطل.

كما تؤكد الدراسة ضرورة احترام تراث الأوائل، والانطلاق منه والإضافة إليه، والانتفاع بما فيه من مناهج، دون الوقوف عند المسائل المعينة التي أفرزها زمانهم وتجاوزها زماننا، دون أن نجمد عند زمانهم، أو نستنبط معاني ونظريات تستخف بمجهودهم.

وتدعو كذلك الدراسة إلي ضرورة تفقد ما وقع وتكرر من قبل من مناهج الاستنباط، حتي لا نتورط في استنباط أو معني أو فكر، ثم إذا فتشنا عنها وجدناها بعينها قول الخوارج أو غيرهم، ويكون عملنا تكراراً لمنهج منحرف، بعثناه من رقاده تحت عنوان معاصر.

وتشير الدراسة أيضاً إلي ضرورة صناعة فهم صحيح، يكون أميناً علي هدي القرآن وعلومه، من ثلاثة أركان عظام، وهي معرفة الوحي الشريف، ومعرفة مناهج فهمه، والإلمام بالواقع إلماماً صحيحاً.

بالإضافة إلي تجنب كل فكر لم يستوف حقه من النظر، ولم يتهيأ له مسلك صناعة العلم علي معهود أهله، لأنه يكون بذلك فكراً مضطرباً تم وتبلور، إما تحت ضغط نفسي، أو بين جدران السجون، أو بدافع الحماسة، فيغيب حسن الاستنباط للوحي الشريف.

وشددت الدراسة علي أنه لا يصلح للاجتهاد في باب المصالح والمفاسد، إلا من أحاط بمقاصد الشريعة جملة وتفصيلاً، فالاجتهاد يقتضي اشتراط العلم الكامل الشامل للغة العربية، والعلم بمقاصد الشرع من الشريعة علي الإجمال والتفصيل.

مضيفة إلي أن غياب المعرفة بمقاصد الشريعة، وغياب المعرفة بالسنن الإلهية، يتركان خللاً كبيراً في الفهم، وأن من لم يحط بأمثال هذه العلوم فسد فهمه للنص وللواقع.

كما شددت علي أن للسيرة النبوية قواعد في الاستنباط منها، واستخراج الأحكام من وقائعها، ومن تسرع في الإلحاق بها والقياس عليها، فقد كذب علي النبي صلي الله عليه وسلم، ونسب إليه نقيض شرعه.