رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

إسقاط المال السياسى.. مهمة الناخبين

بوابة الوفد الإلكترونية

مع بدء انطلاق المرحلة الأولى، على الناخبين الحذر والتصدى للمال السياسى وشراء الأصوات، الانتخابات البرلمانية ومواجهة أصحاب الأجنداات الخاصة.. ولذلك تثور التساؤلات حول امكانية تحقيق العدالة فى تمويلات الحملات الدعائية بين المرشحين، وتطبيق المساواة فى الحد الأقصى وسقف الأموال المنفقة، وفقا لما نص عليه قانون الانتخابات، ووفقا لقرارات اللجنة العليا للانتخابات، بما يعطى الفرص المتوازية لجميع المرشحين على حد سواء أمام ناخبيهم لتقديم انفسهم والاعلان عن برامجهم دون تفاوت فى الانفاقات، وهى القرارات التى حددت الدعاية للفرد بمبلغ نصف مليون جينه، والدعاية لمرشحي القوائم المخصص لها 15 مقعدا بمبلغ 2.5 مليون وللقائمة المخصص لها 45 مقعدا، 7.5 مليون جنيه.

ولكن عدم وجود آليات لتطبيق قانون مراقبة الدعاية الانتخابية، يجعل من هذا القانون مجرد حبر على ورق، ويفتح المجال أمام الأبواب السرية للتحايل وارتكاب المخالفات، وتدفق الملايين على مرشحين بأعينهم دون الآخرين، وفتح باب الرشاوى السرية للناخبين والهدايا العينية التى لا يمكن رصدها أو كشفها لشراء الأصوات، انما يخل بميزان العدالة فى الدعاية، ويرجح كفة مرشحين أقل كفاءة وخبرة سياسية وتحوطهم الشبهات، عن مرشحين افضل وأكثر أحقية فى تمثيل الشعب تحت قبة البرلمان، وهو الأمر الذى يحذر منه الوفد وهو يبحث عن مخرج لإحكام الرقابة على تمويلات الحملات الدعائية وضمان التوازن والعدالة فى الفرص المتاحة لجميع المرشحين على حد سواء، دون تمييز بعيداً عن تدخل المال السياسى، وعمليات غسيل الأموال.

لقد شهدت مصر العديد من التجارب السلبية السابقة متمثلة فى برلمانات ما قبل ثورة 25 يناير وحتى أول برلمان جاء عقب الثورة، من دخول أعضاء إلى البرلمان ليسوا فوق مستوى الشبهات، من تجار المخدرات، ومنهم لصوص أموال الشعب، وآخرون شابتهم اتهامات أخلاقية، وكان دخول هؤلاء إلى البرلمان نتيجة لعمليات التزوير والتدليس وشراء الاصوات وتزوير إرادة الشعب عبر شراء اصوات البسطاء والفقراء، خاصة فى الدوائر الانتخابية التى تضم اغلبية فقيرة من المواطنين، وكانت الرشاوى الانتخابية، وإغداق الأموال على حملات الدعاية الانتخابية هى طريقهم تحت قبة البرلمان، فلم يتردد أى منهم فى اغداق الملايين على الدعاية، سواء من أموال مشبوهة، أو فى عمليات لغسيل الأموال، أو نتيجة الحصول على تبرعات وتمويلات سرية من رجالات مال وأعمال سواء من الداخل أو الخارج، كان من مصلحتهم الزج بهؤلاء المرشحين الفسدة، إلى البرلمان، ليحموا مصالحهم ويسيروا أعمالهم، وبهذا كان هؤلاء البرلمانيون يمثلون أشخاصا أو فئات معينة لها مصالحها الخاصة وأجنداتها السياسية والاقتصادية، ولم يكونوا قط ممثلين للشعب، ولأن الدعاية الانتخابية هى مفتاح الطريق إلى باب البرلمان، فقد وضعت اللجنة العليا للانتخابات، ضوابط مشددة تعمل على تنظيم مراقبة تمويل الحملات الانتخابية، والزام المرشحين بمبالغ الدعاية التى تحدد لها الحد الأقصى وذلك من خلال التعديلات التى أدخلت على قانون مباشرة الحقوق السياسية، وهدف القانون كما هدفت اللجنة العليا للانتخابات من خلال هذه المواد والاشتراطات إلى توفير الفرص المتساوية للمرشحين لتقديم أنفسهم إلى ناخبيهم، بصورة متعادلة، وحدد قانون مباشرة الحقوق السياسية عقوبة من يخالف ضوابط الدعاية الانتخابية والإنفاق بغرامة لا تزيد على 100 ألف جنيه، والسجن وغرامة لا تزيد على مليون جنيه لمن يتلقى دعمًا أو تمويلا من جهة أجنبية أو شخص اعتبارى مصرى، غير أن خبراء بالقانون يرون أن العقوبة المالية لا تكفى، بل يجب أن تكون العقوبة رادعة وممثلة فى بطلان انتخاب المرشح الذى يستخدم الوسائل غير المشروعة، كما وضعت اللجنة العليا للانتخابات كافة ضوابط الدعاية الانتخابية والتمويل والإنفاق على الحملات الدعائية، وذلك على أمل اتاحة الفرصة للناخبين للحكم بصورة موضوعية على المرشح، واختيار الأصلح الذى يمثلهم ويخدم الاهداف العليا أولا لأهل الدائرة، ومن ثم الأهداف الوطنية العامة، وعلى رأسها التماشى والتوافق مع الأهمية التشريعية التى سيمثلها البرلمان الجديد، والذى ستلقى على عاتقه عملية البت فى قرارات وتشريعات تصل لأكثر من 400 قرار وتشريع فى غضون اسبوعين فقط من انعقاد أولى جلساته الرسمية، وهى القرارات والتشريعات التى صدرت منذ ثورة يناير وحتى الآن وتحتاج إلى موافقة الأغلبية من البرلمان ليتم التصديق عليها.

وانطلاقا من أهمية البرلمان المقبل، وضرورة أن تكون عناصره صالحة، تتلاءم مع أهمية المرحلة السياسية التى تمر بها مصر، فى هذه الفترة الحرجة التى يتم فيها اكمال خارطة الطريق، والسعى إلى ترسيخ هيبة الدولة، واستكمال بناء مؤسسات الدولة بصورة تعيد إلى مصر استقرارها الداخلى، ومكانتها العالمية بين دول العالم كبلد يسير على خطى الديمقراطية بصورة جادة، انطلاقا من كل هذه المعايير، جاءت الضوابط فى عمليات تمويل الحملات الانتخابية، لتجنب الصورة المزرية البشعة التى شهدتها مصر فى اول انتخابات برلمانية بعد ثورة يناير فى نوفمبر عام 2011، والتى سعى خلالها الاخوان لافساد الأجواء الحيادية للانتخابات، وتقديم الرشاوى بصورة فجة لم يسبق لها مثيل إلى الناخبين عيانا بيانا لشراء اصواتهم، بل وقام الاخوان فى حينه بوضع تسعيرة لأصوات كل دائرة، تبدأ بكيلو سكر وزجاجة زيت، مرورا بمبلغ 50 جنيهاً لكل ناخب، وصولا إلى 500 جنيه فأكثر حسب قيمة الدائرة ومدى ثقلها واهميتها، ولم يتوقف الامر عند الرشاوى الانتخابية بل تم ايضا تزوير إرادة الناخبين، عبر انتشار شباب الاخوان بأجهزة الكمبيوتر فى الدوائر الانتخابية وحتى يوم الانتخابات أمام أبواب اللجان، ليرشدوا ويوجهوا الناخبين إلى انتخاب مرشحى الاخوان دون غيرهم، وكانت العملية الانتخابية ليست سوى فوضى عارمة، أفرزت برلماناً اخوانياً، حصدت خلاله الأحزاب الإسلامية مجتمعة أكثر من 70% من مقاعد برلمان الثورة، فيما حصلت الأحزاب المدنية والمقاعد الفردية وشباب الثورة على 30 في المائة فقط من مقاعد مجلس الشعب.

ويرصد الشارع السياسى والعامة ايضا حاليا محاولات مضنية من بقايا فلول الوطنى، ومن العناصر الاخوانية من الصفين الرابع والخامس، الظهور مجددا فى الواجهة الانتخابية لدخول البرلمان، على أمل ايجاد الفرص لتكريس وجودهم، والعودة مرة أخرى للحياة السياسية، والمشاركة فى صناعة القرارات والتشريعات تحت قبة البرلمان، ومما يؤسف له ان هؤلاء يمتلكون من الاموال والتمويلات، ما يؤهلهم لشراء الأصوات، وتقديم الرشاوى السرية، والتمدد فى الدعاية الانتخابية بصورة تفوق الحدود، وتتجاوز البنود المنصوص عليها فى قانون مباشرة الحقوق السياسية وبما يتخطى أيضاً الاشتراطات والمبادئ التى وضعتها اللجنة العليا للانتخابات حول انفاقات الدعاية، ويساعد هؤلاء فى تنفيذ مآربهم، وتزوير وعى الشعب انتشار الفقر والحاجة، خاصة فى الدوائر التى تمثل القرى والمراكز والنجوع، والدوائر التى على هامش العاصمة.

غير أن افتقاد اللجنة العليا للآليات التى يمكن من خلالها أحكام الرقابة والضوابط على تمويلات الحملات الدعائية للمرشحين، يجعل هذه القرارات والضوابط فى مهب الريح، ويسلب منها الشفافية والموضوعية، وذلك على الرغم من تشكيل اللجنة لجنة اخرى فرعية تضم أعضاء الأمانة العامة، لتقوم بمراقبة الإنفاقات على الدعاية الانتخابية ورصد جميع مصادر تمويل المرشحين، من خلال الرقابة على الأموال التى ستدخل الحساب البنكى لكل مرشح، وهو الحساب الذى اشترطت اللجنة على كل مرشح فتحه لقبول أوراق ترشيحه وذلك في أحد فروع البنك الأهلي أو بنك مصر أو بأحد مكاتب البريد الواقعة في الدائرة الانتخابية التي يرغب في الترشح بها، أو أقرب دائرة إليها في حالة عدم وجود فرع للبنك أو مكتب البريد بها.

ويعد دخول الاعلانات بوسائل الاعلام للدعاية الانتخابية للمرشحين على الخط، باباً خلفياً لتجاوز سقف التمويلات المسموح به، فلا يمكن ابدا للجنة العليا للانتخابات ان ترصد جميع الاعلانات المباشرة، وأيضا غير المباشرة التى تتم عن طريق لقاءات مدفوعة سرا من المرشحين لتلميعهم وتسليط الاضواء الإعلامية عليهم، فهذا النوع من الدعاية لا يمكن ابدا معرفة حجم التمويلات الذى تنفق عليه، وهو ما لا يمكن أيضا للجنة متابعة ورصد وتقويم

الدعاية الإعلانية والإعلامية أن تقوم به بصورة دقيقة، فكيف سيمكنها رصد وتقويم كل المواد المسموعة والمرئية التى تبثها القنوات الإذاعية والتليفزيونية التابعة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون أو القنوات الخاصة، وكيف يمكنها ضبط تناول المرشحين عبر هذه الوسائل الإعلامية بصورة عادلة سواء للمرشحين المستقلين، أو للاحزاب، خاصة إذا كانت لهذه الأحزاب وسائط اعلامية خاصة بها، أو كان للمستقلين أشخاص يساندونهم فى وسائل اعلامية على رأسها الصحف الخاصة التى انتشرت مؤخرا بجنون أو سيل القنوات الفضائية، وهو امر لا يمكن معه توافر المساواة من حيث إتاحة وقت محدد ومتساوٍ لجميع المرشحين لعرض برامجهم وأفكارهم، لاننا جميعا نعرف ان هناك فروقاً وتمايزاً بين وسائل الاعلام، وأيضا بين أساليب الإعلان، كما لا يمكن أن تعرف اللجنة اذا كانت هذه المواد الاعلامية عن المرشحين مدفوعة أو بدون أجر على وجه الدقة، يضاف إلى ذلك تداخل عوامل أخرى تتنافى مع الحياد وتفرض التمايز بين المرشحين من حيث مساحة البث، وتوقيت البث التلفزيونى، واستخدام الوسائط أو العناصر المساعدة فى تقديم مرشح عن آخر، وهو الأمر الذى كان يتطلب بالتالى ايجاد إطار قانوني قوي لتنظيم تغطية الانتخابات من قبل وسائل الإعلام، ولنضع بذلك حجر الأساس لعملية الانتقال الديمقراطي.

يقول المهندس حسين منصور نائب رئيس حزب الوفد ان اللجنة العليا للانتخابات لا تقوم بالواجبات المطلوبة منها، فهناك  لجان الرصد وفقاً لقانون مباشرة الحقوق السياسية، ويجب ان تتشكل هذه اللجان من خبراء مستقلين وهى لجان لم يصدر حتى الآن أى قرار بتشكيلها وهذا تقصير من اللجنة العليا للانتخابات، لأن القرار رقم «20» والذى صدر فى فبراير 2015، قضى بتشكيل  هذه اللجان، وتم إعلان تشكيلها فى حينه من سكرتير المحافظة و اثنين معاونين، وعندما تم تأجيل مواعيد الانتخابات، وإعلانها مؤخراً، لم تصدر اللجنة العليا للانتخابات قراراً جديداً بتشكيل هذه اللجان للمراقبة، على الرغم انه حتى هذه اللجان لا تستوفى الشروط القانونية المطلوبة منها من حيث الحياد والكفاية، فكيف يمكن للجنة من سكرتير المحافظة واثنين معه من مراقبة كل دوائر المحافظة ومتابعة كل ما يدور، يضاف الى ذلك أن هذه اللجتة لا يمكن ان تتسم بالحياد المطلو والذى تقتضى الرقابة الحيادية من خبراء مستقلين يشكلون مثل هذه اللجان، إذن اللجنة العليا غير جادة ولا تستشعر أى حيدة تجاه هذا العمل، لذا يقوم مرشحو المال السياسى من بعض الأحزاب بعينها بتوزيع الرشاوى من اللحوم وعلب العصير وأدوات المدارس من كشاكيل وغيرها جهاراً نهاراً، ويجب أن ندرك جميعاً أن هذه الانتخابات فاصلة، لأننا نتجه فيها الى بناء الدولة وليس الى التخلف، وإغفال اللجنة العليا عن ذلك يطيح بآمال المصريين وبآمال ثورتين شعبيتين قامتا من أجل الوصول للدولة الحديثة.

وأكد «منصور» ان يتجه هو وغيره الآن لإقامة دعاوى قضائية ضد اللجنة العليا للانتخابات فى هذا الصدد، لأنها لم تصدر قراراً بتشكيل لجان المراقبة التى تراقب المخالفات و فقاً للقانون، وهو الأمر الذى يضع نزاهة الانتخابات محل شكوك

ويقول محمد عبدالعليم عضو الهيئة العليا للوفد، إن احكام الرقابة على حجم تمويل الحملات الانتخابية انما يتوقف على الإرادة السياسية للدولة والنظام السياسى، لأن الدولة لديها من الأجهزة الرقابية الكافية التى لو قامت بدورها كما يجب لأحكمت رقابتها على الأموال التى تنفق على الحملات الدعائية وعلى المرشحين ولتمكنت من معرفة مسار التحويلات المشبوهة لبعض الأحزاب التى أثرت من حرام ومن أموال الشعب وتقوم بهذه الأموال بشراء المرشحين، وبالتالى شراء أصوات الناخبين لتتحول العملية الانتخابية الى مزاد علنى لمن يدفع أكثر، وهو مزاد بالتالى لشراء إرادة الأمة، لذا إذا كان النظام حريصاً على حماية إرادة الأمة من التزييف عليه ان يفعل عمل الأجهزة الرقابية بقوة للقيام بدورها كما يجب لأهمية هذه الانتخابات المقبلة بصورة مفصلية.

وحول الإمكانيات الحقيقية لضبط سقف تحويلات الدعاية الانتخابية يقول رامى محسن مدير مركز مراقبة الانتخابات انه من الناحية القانونية

يمكن ضبط ذلك من خلال الحسابات البنكية والعقاب القانونى، ولكن تكمن المشكلة فى التطبيق فعندما ننظر الى تجارب الدول الأخرى، ومنها الدول العربية على غرار الأردن أو البحرين مثلاً نجد أن الانتخابات تخلو تماماً من وجود أى دعاية فى الشوارع من اليافطات أو المنشورات، حيث يتم تحديد اماكن مخصصة للدعاية فى كل حى،و ذلك منعاً للعشوائيات الدعائية التى نشهدها فى مصر، كما تخصص هذه الدول جهة واحدة تقوم بطبع المنشورات، ويقوم الناخب بمنحها المال اللازم لهذه المنشورات. أو الدعاية، وبذلك لا يمكن تجاوز المبالغ المحددة، حيث يكون الأمر واضحاً لهذه الجهة الواحدة المسئولة عن الطباعة والنشر، وهذا الأسلوب نطبقه فى مصر فى انتخابات فى مصر فى انتخابات الأندية الرياضية على أن تقوم هذه الجهة ولنفترض انها ادارة محددة من المحليات، لتتولى المسئولية عن الطباعة لهذه الدعاية، ويمكن بهذا الأسلوب أن تتأكد اللجنة العليا للانتخابات من قيمة الانفاقات كل على قدم المساواة، اذاً مطلوب تحديد جهة واحدة عن الطباعة لمحاربة العشوائيات التى نشهدها فى كل انتخابات، خاصة واننا فى كل مرة نكرر المحاذير وتقع نفس التجاوزات.