رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عنف الاستيطان يهيمن على إسرائيل

عنف المستوطنين ضد
عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين عرض مستمر

في أسبوع واحد خضع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لضغوط المستوطنين ووافق على تحدّي العالم وإقرار توسعة الاستيطان في بيت إيل والقدس الشرقية وأحرق مستوطنون عائلة الدوابشة الفلسطينية قرب نابلس.. ولم يكن الفارق بين الحدثين كبيراً لا زمنياً ولا مكانياً ولا معنوياً، فالفاعل واحد وهو عبارة عن وحش يكبر ويكاد يفترس راعيه، فسلوك المستوطنين في الضفة الغربية حالياً هو ذاته سلوك المستوطنين الأوائل عندما كانوا يتحرّكون برعاية سلطة الانتداب البريطانية.. ويعجب كثيرون كيف يجرؤ قادة في إسرائيل، من بينهم رئيس دولة ورئيس حكومة، على وصف ما يجري بأنه فعل إرهابي سواء ما تعلّق منه بحرق العائلة وقتل رضيعها أو بالتصادم مع الجيش وقوات الشرطة أو التحريض حتى على المحكمة العليا.. فقد سبق للمستوطنين الأوائل أن ارتكبوا المجازر ضد الفلسطينيين وقاموا بتشريدهم من أرضهم وديارهم ولم يكتفوا بذلك بل لاحقوهم في ديار الشتات. ولكن هناك من يقول إن إسرائيل حالياً التي تدّعي أنها ضمن «عالم النور» الغربي والمنضوية تحت إطار منظمة الدول الصناعية الأكثر تطوراً معنية بصورتها أكثر مما كانت في الماضي.

 

غير أن هذا التصوّر لا ينسجم لا مع نتائج الانتخابات التي تجري داخل الدولة العبرية ولا مع السياسة التي تنتهجها مؤسساتها.. وليس صدفة أن إسرائيل هي أكثر الدول المحرّضة على العنف والحرب في العالم وهي تعمل على فرض هيمنتها وسيطرتها على المحيط العربي بأسره وتصادر مستقبله.. كما ليس صدفة أن إسرائيل ترفض القبول بما يرتضيه العالم بأسره من حلول للمنطقة سواء ما تعلق منها بالتسوية مع الفلسطينيين أو جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.

وعند مراجعة بنية الائتلاف الحكومي وطبيعة الحزب الأكبر في إسرائيل الذي يرأسه بنيامين نتنياهو تجد أن إسرائيل أنتجت الائتلاف الأشد يمينية في تاريخها، ويشجع هذا الائتلاف ليس فقط على الاستيطان وإنما أيضاً على التوحّش ضد العرب والفلسطينيين ويقبل باستمرار احتلالهم وفرض الوصاية عليهم، وعندما يوجد في إسرائيل عاقل يريد إخفاء معالم الجريمة أو التقليل من أضرارها ينهالون عليه بتهم تخرجه عن الملّة.

 

ومن المعلوم أن الرئيس الإسرائيلي الحالي رؤوفين ريفلين كان ولا يزال بين أشدّ أنصار الجناح اليميني في الليكود.. لكنه لأسباب مختلفة حاول طوال الوقت التركيز على مبادئ ليبرالية تحفظ المجتمع الإسرائيلي من السقوط في دائرة الفاشية، ولذلك رفض محاولات انتهاك القانون وأصرّ على مبدأ الخضوع للمؤسسات، والنتيجة أن المستوطنين واليمين المتشدّد صاروا يعتبرونه مهادناً وباتوا يوجّهون سهامهم ضده، ووصل الأمر أخيراً بسبب موقفه من حرق العائلة الفلسطينية في دوما تهديده بالقتل ما دفعه إلى تقديم شكوى في الشرطة.

 

وعلى مثال «النار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله» ولأن الحكم القائم في إسرائيل هو الأشد يمينية، فإن الصراع صار يدور بين الأكثر تطرفاً ومَن هم أقل تطرفاً، وهكذا فإن شخصاً مثل وزير الدفاع «موشي يعلون» صار في نظر المتطرفين المستوطنين «يسارياً».. والشيء نفسه يسري حتى على قضاة المحكمة

العليا، الذين أصدروا الحكم بهدم مبنيين مخالفين لكل القوانين، وبالصدفة من عائلات يمينية مشهورة، حيث تمّ اتهامهما باليسارية.

وأياً يكن الحال فإن نظرة واحدة إلى مواقف وزراء ليكوديين مثل زئيف ألكين وياريف لفين تشعرك بأنك أمام فاشية مجسّدة.. فهما يؤيدان المستوطنين من دون أي تحفظ وعلى استعداد لتغيير إسرائيل من أجل أن يرضى المستوطنون.. وهما من بين أبرز المحرّضين على الاستيطان وعلى مَن يقف في وجهه.

 

وهكذا فإن قرار المحكمة العليا بهدم المبنيين في بيت إيل اعتبر عند لفين «عاراً ووصمة أخلاقية أخرى على جبين الجهاز القضائي».. كما أن تنفيذ الشرطة للقرار كان «خطوة فضائحية لتنفيذ انتقائي ضد اليهود فقط».

ورغم أن المستوطنين يحرقون عائلات بأكملها والجيش والشرطة يقتلون شباناً فلسطينيين في الشوارع وفي البيوت إذا خرج أحدهم محتجاً فإن «لفين» و«ألكين» يعتبران ذلك غير كافٍ وأن الجيش الإسرائيلي يميّز ضد اليهود.. وربما أن نموذج سيطرة متطرفين من أمثال «لفين» و«ألكين» على الحزب الحاكم أشعل مصابيح الخطر في العديد من الدوائر الإسرائيلية، فأمثال هؤلاء إضافة إلى أحزاب مثل «البيت اليهودي» و«إسرائيل بيتنا» لا تعني سوى شيء واحد تقدم الحكم في إسرائيل بخطوات ثابتة نحو الفاشية وإلغاء الديمقراطية.

 

وهذا ليس مجرد تخويف وتقدير مبالغ به، فالكثيرون يرون، وبحق، أن المستوطنين في الضفة الغربية صاروا يسيطرون عبر لوبي خاص بهم على قيادة كل من الليكود والبيت اليهودي على الأقل.. وكان لوبي المستوطنات هو مَن عمل أكثر من غيره من أجل استمرار سيطرة اليمين وبقاء بنيامين نتنياهو على رأس الحكومة.. والمهم أن هذا اللوبي لا تهمّه الأحزاب بقدر ما تهمه مصالح المستوطنين.. وفي نظر الكثيرين لا تهمّ إسرائيل هذا اللوبي لأن كل ما يهمه أيضاً هو المستوطنون.

وهذا قاد الكثيرين في إسرائيل للقول بأن المستوطنين يسيطرون على قيادة الأحزاب اليمينية التي تسيطر بدورها على الحياة السياسية في إسرائيل.. وربما أن أحداث الأسبوع الأخير هي إشهار سيطرة المستوطنين على الدولة العبرية.