رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الموائد الفاروقية فى رمضان

الملك فاروق يمر علي
الملك فاروق يمر علي الموائد

كان من عادة الملك فاروق توجيه خطاب عبر الراديو بعد ثبوت الرؤية، يُهنىء فيه الشعب بقدوم رمضان.. وكان الملك يقيم الموائد الملكية فى رمضان، وكانت موائده عامرة، وممتدة لتتسع العديد من الوزراء والسفراء وقيادات الأحزاب، ومعهم عامة الناس بمن فيهم الفقراء.

وبعد حرب‏ 1948 ‏تغيرت تقاليد الموائد التى كانت ‏ ‏تُقام‏ ‏ ‏في‏ ‏القصر‏ ‏الملكي‏ ‏في‏ ‏شهر‏ ‏رمضان، ‏وكان يحضرها أمراء‏ ‏البلاد‏ ‏وعلماؤها‏ ‏ووزراؤها‏، ‏وبعد الحرب‏ ‏أمر‏ الملك ‏بإلغاء‏ ‏موائد‏ ‏القصر ‏لتحل‏ ‏محلها‏ ‏موائد‏ ‏في‏ ‏القاهرة‏ ‏وسائر‏ ‏مدن‏ ‏مملكة مصر‏ ‏وأرجائها‏ ‏للفقراء‏ ‏والمعوزين‏ ،‏علي‏ ‏نفقته الخاصة‏‏ ‏طوال‏‏‏ الشهر.. ‏وقبل‏ ‏قدوم ‏شهر‏ ‏رمضان‏ ‏بأيام‏ ‏كان‏ ‏مديرو المدريات‏ ‏ ‏والمسئولون‏ يذهبون ‏إلي‏ ‏قصر‏ ‏عابدين‏ ‏ويتسلمون‏ ‏من‏ ‏رئيس‏ ‏الديوان‏ ‏ ‏الاعتمادات‏ ‏المالية‏ ‏اللازمة‏ ‏لهذه‏ ‏الموائد‏ ‏مع‏ ‏رجاء‏ ‏من‏‏ ‏الملك‏ ‏باعتبار‏ ‏الفقراء‏ ‏الذين‏ ‏يدعونهم‏ ‏لهذه الموائد‏ ‏ضيوفه. وكان‏‏ ‏يأمر‏ ‏الخاصة‏ ‏الملكية‏ ‏بتوزيع‏ ‏ ‏الأموال‏ ‏علي‏ ‏الفقراء، ‏حتى‏ ‏يمر‏ ‏عيد‏ ‏الفطر‏ دون‏ ‏أن‏ ‏يشعر‏ ‏الفقراء‏ ‏به، ‏ولم‏ ‏يكن‏ ‏يمر‏ ‏أسبوع‏ ‏من‏ ‏أسابيع‏ ‏الشهر،‏ ‏دون‏ ‏اقامة ‏مائدة‏ ‏من‏ ‏الموائد‏ ‏الملكية‏ ‏التي‏ ‏جرت‏ ‏عادة‏ ‏الملك‏ ‏علي‏ ‏إقامتها‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏عام‏. ‏فكانت تُقام‏ ‏موائده‏ ‏للعمال، ‏وأخرى‏ ‏لرجال‏ ‏الجيش‏ ‏والضباط ، ‏وثالثة‏ ‏لمشايخ‏ ‏الطرق‏ ‏الصوفية‏ ‏والأئمة‏ ‏والخطباء‏ ورجال الأزهر والمُقرئين، ‏ورابعة‏ ‏للطلبة‏ ‏الدارسين‏ ‏في‏ ‏مصر‏، بالاضافة إلى‏ ‏موائد‏ عديدة كان يأمر بها و‏تقام‏ ‏في‏ ‏جميع أنحاء المملكة،‏ ‏يدعو‏ ‏إليها‏ ‏الملك‏ ‏آلاف‏ ‏الفقراء‏ ‏من‏ ‏أبناء‏ ‏الشعب.

ولم تكن الموائد الملكية هى المكان الوحيد لحصول الفقراء على الطعام بل كان هناك «مطعم الملك فاروق الخيرى» فى العتبة، الذى كان يقدم «الطبيخ» والعيش لمن يريد.

وكان‏ ‏قصر‏ ‏عابدين‏ ‏تُزينه الأنوار‏‏ ‏إحياء‏ً ‏لليالي‏ ‏رمضان‏. وكان ‏الفناء‏ ‏الداخلي‏ ‏للقصر‏ يُجهَّز ‏ ‏لآلاف المصريين‏ ‏الذين‏ ‏يأتون‏ ‏لسماع‏ ‏القرآن من كبار المقرئين. وكان‏ ‏الملك يحرص‏ ‏علي‏ ‏مُشاركة ‏‏الشعب‏ ‏في‏ ‏هذه‏ ‏الليالي‏ ‏المباركة، ‏فيأمر‏ ‏بفتح أبواب ‏سراي عابدين‏‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏ليلة‏ ‏للجميع،‏ ‏لا‏ ‏فرق‏ ‏بين‏ ‏غني‏ ‏وفقير. ‏

وكان قصر رأس التين بالاسكندرية يتزين بالأنوار منذ الليلة الأولى فى شهر الصيام، وبعد الإفطار. وكان الوزراء والكبراء ورجال الدولة يأتون إلى القصر ليستمعوا، في أول أيام الصوم، إلي القرآن الكريم، وقد كان يُذاع من القصر كل عام. وكان يُقام سرادق يتسع لخمسة آلاف شخص ويمتلئ كل ليلة بأبناء الإسكندرية من مختلف الطبقات.

ومن الموائد التى أمر الملك بإقامتها تلك التى كانت فى قصر عابدين فى 15 يونيه عام 1950، ودعا إليها الأمراء والوزراء ورجال الأزهر والسلك السياسي ورؤساء ووفود جامعة الدول العربية، وأقيم سرادق كبير في حديقة القصر علي قرب من «السلاملك»، وصافح الملك مدعويه بنفسه، وسمح لأعضاء وفود جامعة الدول بأن يحضروا الموائدة بملابسهم العادية، فكانت مفاجأة لهم. وفجأة انقلب الجو وهب نسيم بارد من البحر، وكان بعض المدعوين يرتدون ملابس الصيف الخفيفة، فأحسوا بهذا التغيير فأسرعوا بعد

الإفطار ينشدون شيئاً من الدفء. وبعد انتهاء الأذان دار السفرجية علي الحاضرين بأكواب من شراب الورد.. ووضع النحاس باشا رئيس الوفد بضع قطرات من الدواء في كوبه، فتمني له الحاضرون الشفاء. وبعد أن انتهي المدعوون من تناول الإفطار وقف جلالة الملك، وقال لضيوفه: «كل عام وأنتم بخير، وأرجو أن تشعروا بأنكم في بيوتكم» ثم انصرف.. وأخذ الحاضرون يتناولون القهوة والسيجار، وقد أمَّ المجاهد المغربى الأمير عبدالكريم الخطابي بعض المدعوين، وأم الشيخ أبوالعيون غيرهم في ركن آخر من أركان السرادق. ولم ينس رجال القصر أولئك الذين ساروا في خدمة كبار المدعوين وهم سائقو السيارات، الذين أقيمت لهم مائدة أخري، تناولوا عليها الطعام ثم انتقلوا إلي السرادق، حيث يستمعون إلي آيات الذكر الحكيم.

ومائدة الملك الخاصة التى يجلس اليها ليتناول إفطاره مع أسرته كانت بسيطة، لا تتسم بالبذخ، وتضم عادة أصنافا بسيطة. وكانت قائمة الطعام الملكية، لا تضم سوى صنف واحد من اللحوم وفطائر وبيض بالبسطرمة وأرز وبطاطس وطبق المسقعة المُفضل ثم الكنافة والفواكه..

‏ وكان الاحتفال بليلة القدر عادة عند الملك يقيم لها احتفالاً يحضره رجال الدولة ورجال الدين، يتلى فيها القرآن والخطب الدينية.

وكان‏ من عادة ‏الملك فاروق‏ آداء‏ ‏أول‏ ‏صلاة‏ ‏جمعة‏ ‏في‏ ‏شهر‏ رمضان ‏بمسجد‏ ‏الرفاعي‏ بالقاهرة ‏مع‏ ‏العلماء‏ ‏والكبراء، ولم يمنع الحراس أحد ‏من‏ ‏الصلاة‏ ‏ ‏مع ‏الملك‏. ‏وكان أيضاً مواظباً على صلاة الجمعة الأخيرة من شهر رمضان (الجمعة اليتيمة) فى مسجد من مساجد القاهرة.. والجمعة اليتيمة في رمضان كانت تحظي باهتمام الملك والشعب، وكان الموكب الملكى يتقدمه خيالة الحرس الملكي، وتسير حوله وتتعقبه في نهايته الفرسان، وتجر العربة الملكية ثمانية خيول، وكانت العربة مغلقة ولها نوافذ من الكريستال، ويستقلها الملك وخلفه كبير الياوران، وتتبعها عربات رئيس الوزراء والوزراء والحاشية الملكية. وبعد ذلك أصبحت المواكب الملكية تتكون من السيارات وحولها الموتوسيكلات.