رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

القفص لعبتى.. ومهنتى.. وأحلى حاجة فى دنيتى

بوابة الوفد الإلكترونية

“أحلى حاجة أحسها لما أشوف شوية الجريد بقوا قفص بيلمع فى عين الشمس زى الدهب”.

عم محمد حسن الشهير بأبو سبيكة يستيقظ كل يوم مع طلعة الشمس وكل همه كيف سيحول جريد النخيل إلى قفص أو «تقفيصة» ينتفع منها الزبائن، إما فى تعبئة الخضراوات وإما رص العيش الطازج ليبرد، يترك الجريد حتى يذبل، ثم يبدأ فى تصنيعه، فيقسمه إلى دوائر ومربعات وعيدان وأسقف وأطواق، يستخدمها فى صناعة الأقفاص بأحجام مختلفة حسب طلب الزبون.

ترقبه وهو ينسج الخامات الطيّعة فى يده فتندهش للمعة عين الرجل وابتسامته. متعة وإتقان، إجهاد ولذة تنطق بها قسمات وجهه كأنه يلعب أو يمارس هوايته المفضلة. لكن هى فى الحقيقة مهنته وأكل عيشه الذى ورثه عن الآباء والأجداد.. سلاحه هو تلك الآلة الحادة المسماة السكين أو الساطور. رغم بلوغه الخامسة والسبعين إلا أنه متمكن من آلته التى تتطلب قوة بدنية فى شق أعواد الجريد الذى يضعه على أورمة مثبتة بالأرض؟

كان يجلس أمام داره فى مواجهة الأرض الخضراء التى زرعها ابنه بيديه. قابلناه فى قريته بالبدرشين. كان يحدثنا فيما تشتغل يداه دون توقف أو تشويش.. بكل ثقة وعشق قال عم أبو سبيكة: أحيانا أقوم بعمل طلبية من 500 الـى 1000 قطعة حسب السوق وكلما يرتفع سعر الخضار، الطلب يقل رغم أن الأسعار لا تزيد بالنسبة لى إلا قليلا، والطلب يقل أول ما البلح يظهر ما نقدرش نقرب من النخل. وساعتها يوصل الألف قفص لـ2500 جنيه. وصناعتنا يدوية، ليست لها علاقة باستخدام الكهرباء، وأساس عملى هو النخيل، وطالما لا يبخل علينا النخيل بالجريد، الدنيا ماشية. لكن البلاستيك هدد الجريد والشباب لا يقبلون على هذه المهنة وهى مهددة بالانقراض.. وأنا مثلا ابنى حصل على ليسانس الآداب ولا يجد فرصة عمل لكنه يعمل معى من باب المساعدة ولكنى لا أستطيع الاعتماد عليه، رغم أن بعض الناس تتوسع بصناعة الكراسى وأقفاص الدواجن والفاكهة، ونقوم أيضاً بصناعة عشش «بيوت» الحمام، لكن بالطلب.

يستريح عم أبو سبيكة لحظات، ما يلبث بعدها أن يعاود عمله فى خفة ورشاقة مبهرة.. الجريد أنواع مثل البلح «سيوى وزغلول وابن عيشة وحيانى وأمهات» وأفضلها السيوى.

■ غلاء الخضراوات هل يؤثر على سوق القفص؟

- طول ما القوطة غالية مفيش شغل.

لكن ربنا بيكرم ومابينساش عبده. وبنسلى نفسنا أصل الشغلانة دى هواية ومحبة.

■ كيف؟

- يعنى بمزاج أولا النخل ده أطهر الشجر. دى سجدت لسيدنا النبى.. وستنا مريم «اتنفست به. وربنا سبحانه وتعالى قال “وهزى

إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا”، واللى يخون النخل يضر الرسول لأنه قال أكرموا خالاتكم.

■ وما معنى ذلك؟

- لما ربنا خلق سيدنا آدم خلق من باقى الصلصال النخل!! . وربنا أوصى الإنسان بزرع النخل حتى لو قامت القيامة وهى «الفسيلة»، وعلشان كدة أنا أشعر بفرحة وأنا باشتغل فى الجريد وبعد تقليم النخيل، يتم تنظيفه من الخوص والزعف، وبعدها يُترك فى الشمس من أسبوع إلى ثلاثة أسابيع حتى يجف تماما. وهنا تبدأ المرحلة الثانية بنقل الجريد لكى يتم تقطيعه حسب الشغل المطلوب وبمقاسات محددة ومعينة تتماشى مع الشىء المراد تنفيذه بساطور وفيه اسطمبات أو فورم بمقاسات ثابتة للعديد من القطع المختلفة التى نقوم بتصنيعها. ثم تأتى مرحلة تخريم قطع الجريد باستخدام قطعتين من الخشب، الأولى مربعة، بها مجرى، متعرجة حفرها الطرْق من أجل تخريم الجريد، وأخرى مستطيلة أقل ثقلا من الأولى تُستخدم فى تركيب قطع الجريد بعد تخريمه مع بعضها البعض من خلال الطرْق بها. وتتنوع منتجات صناعات النخيل بين أشكال مختلفة مثل أقفاص فاكهة أو خضراوات، ولكن تقفيصة العيش هى الأكثر طلبا.

نظر عاشق الجريد إلى الأرض الخضراء على مرمى البصر وقال: “الحمد لله على كل شىء وأنا أخدت نصيبى وحظى من الدنيا، لكن المفروض يعملوا مشروعات للشباب علشان أولادنا وأحفادنا. المفترض المسئولين يرعوا المهن القديمة ويحببوا فيها الشباب، لأنها تراث وكنز لا يعوض. لكن الآن الشباب لا يقبل عليها لأنها ومع الظروف الصعبة والغلاء فى كل شىء أصبحت مهنة «ما تأكلش عيش حاف» لكن زمان كانت كل حاجة رخيصة وأنا ربيت أربع جدعان ودخلتهم الجامعة من الجريد”.