رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

سيد حجاب.. شاعر الفقراء

سيد حجاب
سيد حجاب

سيد حجاب، شاعر من جيل الستينات، يعتبر من أبرز شعراء العامية فى مصر و العالم العربى، ومن أهم الكتاب الذين توهجت بهم التجربة الشعرية الدرامية. التصق حجاب بالشارع والناس، فأسهم فى إثراء القاموس الشعرى العامى بكلمات وإيقاعات قريبة من القلوب، شكلت وجدان أجيال متعاقبة، حمل هموم الفقراء فى كتاباته، فلقبه الناس بشاعر الفقراء.

على شواطئ بحيرة المنزلة فى مطلع أربعينات القرن الماضى، ولد شاعر العامية الكبير سيد حجاب، لأسرة متوسطة الحال فى قرية المطرية، فى محافظة الدقهلية- وهى قرية غالبية قاطنوها من الصيادين الذين كان أبوه واحداً منهم- فكان يشاهد مباريات الشعر بين الصيادين فى جلسات المصطبة حول الموقد فى ليالى الشتاء الباردة، فيلقى كل صياد ما اختزله من كلمات طوال اليوم، قد تريحه بعض الشىء من عناء الحياة، فيدون الفتى الصغير كل ما يسمع، محاولاً محاكاتهم، فكان يكتب أشعاره، ويحتفظ بها سراً، حتى أطلع والده يوماً على قصيدة كتبها، فسر الوالد وشجع ولده.

أتم حجاب دراسته الثانوية فى الدقهلية، وبعدها رحل إلى الإسكندرية كى يستطيع الالتحاق بكلية الهندسة، وقد أسرته المدينة الساحلية بسحرها، مثلما فعلت بكل من سبقوه إليها، ولكنه اضطر بعدها للنزوح إلى القاهرة التى أنشدها :

هنا القاهرة

هنا القاهرة الساحرة الآسِرة الهادرة الساهرة الساترة السافرة

هنا القاهرة الزاهرة العاطرة الشاعرة النيّرة الخيّرة الطاهرة

هنا القاهرة الساخرة القادرة الصابرة المنذرة الثائرة الظافرة

لم يستطع سيد حجاب بعد ذلك أن يكمل فى دراسة الهندسة، فقد امتلك الحرف كيانه، وأصبح لا يبحث إلا عن تجمعات المثقفين والشعراء، لذلك غادر الإسكندرية ليستقر فى القاهرة، ويلتقى بكبار الكتاب الذين سبقوه، كصلاح جاهين الذى تنبأ له بأنه سيكون صوتا مؤثرا فى الحركة الشعرية فى مصر والعالم العربى، وكذلك فؤاد قاعود، وفؤاد حداد، الذين اعتبرهم حجاب آباء شرعيين للقصيدة العامية، كذلك التقى زملاء جيله من الشعراء؛عبدالرحمن الأبنودى ويحيى الطاهر وغيرهما، وقدم مع الأبنودى بعض البرامج الإذاعية مثل «بعد التحية والسلام»، و«عمار يا مصر» و«أوركسترا».

وفى منتصف الستينات احتفى المثقفون بأول ديوان صدر لحجاب وهو «صياد وجنية»، الذى حمل أصداء التأثير الكبير لنشأته فى مدينة المطرية على ضفاف بحيرة المنزلة، ولكن لم يكن أبداً احتفاء المثقفين هو ما يبحث عنه سيد حجاب، لذلك أصابته خيبة الأمل فى ديوانه الذى لم يصل للناس الذين غزل من أجلهم كلماته، لهؤلاء الفقراء الذين كتب عنهم ولهم، وقد شعر بسذاجة أن يكتب شاعر قصيدة فى وطن لا يعرف غالبية أهله طريقاً لدواوين الشعر، فتوجه لكتابة الأغنية

العامية حتى يصل بكلماته لعموم الناس فى بر المحروسة، وقد قدم فى هذا الإطار مجموعة من التجارب الرائعة خلال مشواره الطويل مع الموسيقار الكبير عمار الشريعى وبليغ حمدى وآخرين.

شارك سيد حجاب فى الندوات والأمسيات الشعرية والأعمال التليفزيونية والسينمائية فى محاولة جادة منه للوصول للجمهور، وقد نجح فى ذلك خاصة بعدما قدمه جاهين للفنان كرم مطاوع ليكتب له مسرحية «حدث فى أكتوبر».

وبالرغم من النجاح الذى لاقاه حجاب فى كتابة الأغانى إلا أنه لم يستطع التوقف عن إصداراته الشعرية، فأصدر دواوين «فى العتمة»، «أصوات» و«نص الطريق»، كما قدم سيد حجاب واحداً من أكثر أعماله أهمية حيث ألف عملين للأطفال فى تجربة، أكد مراراً اعتزازه بها.

كل من أهمهم البسطاء أهمتهم السياسة، لذلك ارتبط حجاب ببعض تجمعات اليسار فى بداية حياته، وانضم لأكثر من كيان حزبى، رأى وقتها أنها تعبر عن قناعاته الفكرية، فاعتقل لعدة شهور أثناء حكم جمال عبدالناصر، خرج بعدها وقد ازداد عشقا للبسطاء وللتعبير عنهم.

تعتبر أغانى سيد حجاب التى ارتبطت بها الأعمال الدرامية مثل «ليالى الحلمية»، «الأيام»، «الوسية»، «الشهد والدموع»، «المال والبنون»، «حدائق الشيطان»، «ناصر»، «غوايش»، «أحلام لا تنام»، «الأصدقاء»، وغيرها الكثير من المسلسلات- تعتبر- خلوده الحقيقى والكنز الذى لا يمكن أن يمحى من ذاكرة الوطن، كما كتب أغانى بعض الأفلام منها «الاراجوز»، كما شارك فى إصدار مجلة «جاليرى 68» ونشر بها بعض الدراسات والأشعار.

حصل سيد حجاب على العديد من الجوائز أهمها جائزة كفافيس الدولية لعام 2005 فى الشعر عن مجمل أعماله، كما كرمه معرض تونس الدولى للكتاب فى دورته السادسة والعشرين باعتباره أحد رموز الشعر الشعبى فى العالم العربى.