رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

خصخصة مستشفيات التكامل كارثة على رؤوس الغلابة

بوابة الوفد الإلكترونية

منذ خمسة أشهر عقدت لجنة الصحة بالبرلمان، اجتماعاً مع وزير الصحة أحمد عماد، والذى أكد أن أهم القضايا والملفات المطروحة أمام اللجنة خلال الفترة المقبلة هى مشكلة المستشفيات التكاملية، موضحاً أن هناك أكثر من 514 مستشفى على مستوى الجمهورية تحولت إلى طب أسرة، وهناك مطالب بعودتها إلى مستشفيات تكاملية، لأنها حسب وصفه لا تؤدى الغرض رغم أنها مجهزة لكنها أصبحت عبارة عن مقرات للتطعيم.

ويبدو أن قرار وزير الصحة بطرح 514 مستشفى من مستشفيات التكامل على المستثمرين والجمعيات يحول الصحة إلى مشروع استثمارى لخدمة الأغنياء دون مراعاة لحقوق البسطاء.

وما يسعى إليه الوزير الحالى يعود إلى عهد حاتم الجبلى وزير الصحة الأسبق فى نظام مبارك الذى تبنى بقوة خصخصة المستشفيات الحكومية عن طريق النظام الاستثمارى الذى دمر الاقتصاد المصرى.

واعتبر خبراء الصحة القرار ضربة قاصمة موجهة للمواطنين البسطاء، وبداية لخصخصة قطاع الصحة بالكامل، فيما أكد الخبراء الدستوريون أن القرار غير دستورى ويخالف دستور 2014 الذى يجرم بيع أصول الشعب.

تتبع مستشفيات التكامل وزارة الصحة، وجاءت ضمن مشروع أطلقه وزير الصحة اﻷسبق، إسماعيل سلام، فى منتصف تسعينيات القرن الماضى بهدف سد ثغرة فى منظومة الرعاية الصحية المقدمة إلى المواطنين، حيث تنقسم الخدمة الصحية المقدمة على أساس جغرافى إلى وحدات صحية ومراكز طب أسرة تقدم خدمة طبية أساسية فى القرى، ومستشفيات مركزية فى المدن والمراكز الأساسية فى المحافظات، ومستشفيات عامة فى عواصم المحافظات تقدم خدمة طبية أوسع.

وطبقاً للتخطيط الجغرافى القائم، فإن سكان القرى مضطرون للجوء إلى المستشفيات المركزية أو المستشفيات العامة للحصول على خدمة طبية أكثر تعقيداً، وجاءت فكرة مستشفيات التكامل لسد هذه الثغرة.

أكد الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة، أن بيع المستشفيات مرفوض، مضيفاً أن البيع مخالف للمادة 18 من دستور 2014 الذى جرم بيع أصول الشعب، إلى جانب أن البيع ضد مصلحة الفقراء.. لأنه فى حالة البيع سيكون على المواطن اللجوء إلى المستشفيات الخاصة وليس التأمين الصحى.

وأشار إلى أن قانون التأمين الصحى يضم نصوصًا تخضع الأصول الطبية الحكومية وبعض الوحدات الخاصة لخدمة المواطنين، وفى حالة إعطاء الحق للقطاع الخاص لإدارة الأصول الحكومية واستغلالها ستعود الدولة لشراء الخدمة بربح ليس بسيطًا.

وحول طرح شراكة بين وزارة الصحة والقطاع الخاص للاستثمار بالمستشفيات.. قال «خليل»: إن الشراكة مطروحة منذ عام 2010 طبقاً للقانون رقم 76 لسنة 2010 والذى يتعلق بـ «تنظيم الشراكة بين القطاع العام والخاص»، ويلزم الحكومة فى حالة عدم القدرة على الصرف بإدخال شريك معها، والذى تم رفضه لتغييره طبيعة المشروع بسبب تحميل المرضى تكلفة الخدمة وأرباحها، ولكن هذا المشروع لم ينفذ فى وقت مبارك.

وأشار «خليل» إلى أن الدولة تخالف الدستور الذى ينص على أن تكون ميزانية الصحة 3% من الناتج القومى ولكنها فى الحقيقة 1.9% فقط وعوضاً عن جمع الضرائب من المستثمرين اتجهت إلى جمع الأموال من جيوب المواطنين.

ووصف الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء، قرار البيع بأنه بداية لتدمير منظومة الصحة، فالدستور نص على إمكانية الاستثمار فى القطاع الصحى مع القطاع الخاص ولكنه استثمار إضافة أو مشاركة، وفيه تلعب الحكومة دورًا مهمًا فى تحديد أسعار الخدمات عن طريق نظام شامل ولا يتدخل فيه القطاع الخاص إلى جانب مراقبة جودة الخدمة فى تلك المستشفيات، ولكن فكرة بيع المستشفيات لشركات خاصة هو استغناء عن أصول مملوكة للدولة، مما يعد مخالفة للقانون لأن التأمين الصحى غير مملوك للدولة ولكن لدافعى الاشتراكات.

وأشار عضو نقابة الأطباء إلى أن الفكر الشيوعى هو المسيطر على الكثيرين من مهاجمى فكرة مشاركة القطاع الخاص فى المستشفيات التكاملية، فلدينا معدل بطالة مرتفع ويجب أن نغير ثقافة المواطن فمن يعمل تتحمل الدولة الإنفاق

عليه ومساعدته حتى لا يكون عبئًا عليها.

ويوضح دكتور علاء غنّام، مسئول ملف الصحة فى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن مستشفيات التكامل هى عيادات كبيرة أُنشئت فى المناطق الريفية وتمثل مرحلة وسيطة بين وحدات الرعاية الصحية وبين المستشفيات المركزية، بعضها يعمل بشكل جيد والآخر آيل للسقوط، مطالباً بدراسة كل حالة منفردة طبقاً لاحتياجاتها، أما الحديث عن دخول القطاع الخاص فليس هناك مستثمر عاقل يقيم مشروعًا صحيًا فى منطقة سكانها فقراء.

 

منظومة سيئة

وفقاً للجهاز المركزى للتعبئة العامة واﻹحصاء، انخفض عدد المستشفيات فى مصر من 1446 مستشفى سنة 2008 إلى 659 سنة 2014، وأرجع الجهاز هذا الانخفاض إلى تحويل مستشفيات التكامل إلى وحدات صحية.

أكد محمود فؤاد، مدير المركز المصرى للحق فى الدواء، أن قرار خصخصة المستشفيات التكامل مخالف للمادة 18 و32 من دستور 2014، ويمنع التصرف فى أصول الدولة، وأنه فى حال تنفيذ وزير الصحة بيع المستشفيات سيتم سجنه وفقاً للقانون ولكن علينا قبل مناقشة المقترح تعديل الدستور لبيع تلك الأصول، وما نعيشه الآن هو فرض لسياسة صندوق النقد الدولى فمنذ عهد مبارك كان يشترط رفع دعم الدولة عن المنظومة الصحية.

وأوضح «فؤاد» أن المستشفيات أنشئت لتسد الفراغ بين المستشفى العام والمركزى فى القرى والنجوع الأكثر كثافة، وما حدث أن بعض تلك المستشفيات كانت مجهزة بمعدات وتم نقلها إلى المستشفيات المركزية وظلت إلى الآن ألواحًا خرسانية فارغة من أى تجهيزات.

وقال فؤاد لـ «الوفد»: «إن الصحة عادت لتجميل القرار، بأن المستثمر سيكون له جزء فى الإدارة».. موضحاً أنه لن يدفع مستثمر أموالاً لاستكمال بناء مستشفى وتطويره بلا مقابل، وأن من يدعى أن القرار سيوفر خدمة جيدة للمرضى مردود عليه بسؤال: «من أين يأتى المريض بالإمكانيات المالية؟» فمصر بها مستشفيات مجهزة جيدا ولكن المريض يبحث عن الخدمة الأقل سعرًا بحسب إمكانياته المالية.

وأكد أن القرار يفتح الباب لخصخصة المستشفيات المصرية كلها، ويقضى على العلاج المجانى.

وطالب «فؤاد» أعضاء البرلمان بالتدخل لوقف عملية بيع المستشفيات التكاملية، لأن أكثر الشعب يعتمد فى علاجه على المستشفيات الحكومية التى تقدم كثيراً من خدماتها مجاناً.

أكدت المستشارة تهانى الجبالى، أن قرار وزير الصحة مخالف للدستور وانتهاك للمرافق الدستورية، فكل دول العالم تحمى مرافقها كالتعليم والصحة والإسكان، فكيف يتم بيع المستشفيات التابعة للوزارة ونحن نطالب بتقديم خدمة أفضل للفقراء، فبعد ثورتين ما زلنا نتجاهل أولويات الشعب.

وأشارت إلى أن الحكومة الحالية لديها بذخ فى المليارات التى تنفق بدون أى داعٍ وتتجاهل الاهتمام بالفقراء.