عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"مراكز الموت" تحصد أرواح مرضى الفشل الكلوي

بوابة الوفد الإلكترونية

ما زال سيناريو الرعاية الصحية فى مصر متدنياً للغاية.. وزارة الصحة عاجزة عن الحل، تمارس سياسة الفشل يومياً، فرغم نجاحها فى توفير العلاج لمرضى التهاب الكبد الوبائى، فشلت باقتدار فى الكثير من الملفات بداية بنقص الأدوية ولبن الأطفال وصولاً إلى المحاليل الطبية، واليوم أزمة جديدة مع مرضى الفشل الكلوى والبالغ عددهم 114 ألفاً و287 مريضاً فى مصر، موزعين على 309 مراكز حكومية وخاصة.. هكذا تعرفهم مرضى الفشل الكلوى، أزرع متورمة.. وجوه مرهقة ومتعبة.. حالة نفسية محطمة.. معاناة تتكرر يوماً بعد يوم، حولهم المرض إلى زوار دائمين إلى وحدات الغسيل الكلوى بالمستشفيات الحكومية والمراكز الخاصة، يجلسون أربع ساعات متواصلة تخترق جلودهم أجهزة تنقية الدم، تلك المعاناة لم تشفع لهم أمام وزارة الصحة العاجزة عن توفير أبسط حقوقهم فى رعاية صحية سليمة، بل زادت من آلامهم وتركتهم يلقون مصيرهم داخل وحدات الغسيل الكلوى المهملة، يتعرضون لأنواع أخرى من الأمراض بسبب الإهمال وسوء الرقابة كان آخرها إصابة 19 شخصاً بفيروس الكبد الوبائى «سى» بمستشفى قصر العينى.

فلاتر تستخدم لعدة مرات وغير مطابقة للمواصفات تسببت فى انتقال العدوى بين المرضى، ونقص فى أدوية الكلى، انخفاض فى كمية المحاليل، غياب لصيانة الأجهزة، وقفات احتجاجية أمام المستشفيات الحكومية بجميع المحافظات بسبب توقف مراكز الغسيل الكلوى عن العمل، ومع كل تلك المشاكل يخرج وزير الصحة ويقول: «مفيش أزمة والفلاتر متوفرة وأزمة الدولار لا تؤثر على الصحة» والحقيقة التى لا يراها وزير الصحة أن الأزمة مشتعلة منذ 3 أشهر.

«الوفد» تحدثت إلى مرضى الغسيل الكلوى بمستشفى المنيرة والمقطم وتنوعت شكواهم ما بين أخطاء نتائج التحاليل الطبية المتكررة، ونقص الأدوية وما بين ارتفاع أسعار لتصل بعض الأدوية إلى 1000 جنيه.

فى بداية الجولة توجهنا إلى مستشفى المنيرة العام، ورصدنا سير عملية الغسيل فى انتظام وبكشف محدد بالأسماء لانتظام سير عمليات الغسيل، كان المرضى يخرجون من المركز وعلامات الإرهاق والتعب تظهر عليهم، لذلك لا تجد المريض يتوجه للوحدات بمفرده بل إلى جوارهم أحد ذويه، ليستعين به بعد أربع ساعات من عملية تنقية الدم.

سيد محمد على جلس ينتظر دوره حتى إنه طلب من أحد المتواجدين أن يحل مكانه فى الكشف لعدم قدرته على التحمل فحالته سيئة وعلامات الإرهاق تظهر على وجهه، فهو زائر دائم منذ 8 سنوات لمراكز الغسيل الكلوى، وقال: «أعمل سائق تاكسى ونظراً لظروفى الصعبة أعالج على نفقة الدولة فى مستشفى المنيرة، والخدمة جيدة والرعاية من المسئولين بالمستشفى تتم بانتظام ولكن السيئ هو نتائج التحاليل التى تخرج خاطئة باستمرار وهو ما يدفعنى لإجرائها فى المعامل الخاصة بمبلغ 190 جنيهاً، كل 3 شهور لتحديد العلاج المناسب لحالتى».

ويكمل «سيد» قائلاً: إن معاناة المرضى زادت فى الفترة الأخيرة بسبب نقص الأدوية فى الأسواق، حيث أحصل على أدوية بقيمة 100 جنيه شهرياً، وفى حالة انتهاء حصتى من الدواء، فليس أمامى إلا شراء الأدوية على حسابى الشخصى بقيمة 300 جنيه، هذه ليس مشكلة كبيرة، إنما المشكلة الأكبر هى أن الدواء الخاص بارتفاع نسبة الفسفور فى الدم وصل سعره إلى 1050 جنيها ونشترى الحبة الواحدة بـ6 جنيهات.

ويقول عادل محمود أثناء انتظار دوره فى كشف المرضى داخل مركز الخليج المصرى للغسيل الكلوى بالسيدة زينب «كنت أعمل نجار موبيليا وحينما أصبت بالمرض منذ 10 سنوات، أرسلتنى وزارة الصحة إلى المركز لعدم وجود أماكن بالمستشفيات الحكومية، والمركز أنشأه أحد رجال الأعمال لمساعدة الفقراء، ولكن مع الظروف الاقتصادية وارتفاع أسعار الفلاتر والمحاليل نقوم بدفع 40 جنيهاً فى الجلسة الواحدة وهو ما يعادل 480 جنيهاً شهرياً بالإضافة للمواصلات لأننى من سكان حى المعادى، وأحصل على معاش 700 جنيه».

ويوضح محمود فؤاد، مدير المركز المصرى للحق فى الدواء، أن أمراض الكلى تغزو مصر وبشراسة، حيث يقوم نحو 62 ألف مريض بالغسيل الكلوى فى مصر وعلى قوائم الانتظار حوالى 65 ألف مريض، وعدد المترددين على وحدات الغسيل الكلوى بكل من المستشفيات الحكومية والتعليمية، والمراكز المتخصصة، والتأمين الصحي، والمؤسسات العلاجية، والقطاع الخاص بلغ 114287 مريضًا، ويمثل مرضى المستشفيات الحكومية النصيب الأكبر من إجمالى المرضى المترددين عليها، ليصل عددهم إلى نحو 52885 مريضًا والمراكز الخاصة يمتلكها تجار بعضهم استغل وضع هؤلاء المرضى ودخلت طمعًا فى الأرباح وهو بيزنس يقدر بحوالى مليار جنيه مصرى سنويًا، حيث يصل سعر الجلسة الواحدة إلى 140 جنيهًا فى بعض المراكز الأخرى تصل إلى 400 جنيه، بالإضافة إلى الإهمال الطبى وطول قائمة الانتظار للعلاج على نفقة الدولة التى أصدرت نحو 43256 ألف طلب عام 2014 من أصل 112 ألف طلب قدم لها.

وحذر «فؤاد» من مخاطر الغسيل الكلوى فى مصر حيث إن 83% من المراكز الخاصة والحكومية فى مصر تعتمد على محلول «الأسيتيت» فى جلسات الغسيل الكلوى فى حين أن عدد المراكز التى

تستخدم البيكربونايت 27% فقط رغم أن الدراسات أكدت أن «الأسيتيت» منع استخدامه فى العديد من بلدان العالم وذلك لأضراره، حيث يؤدى إلى هبوط عضلة القلب وهبوط فى ضغط الدم.

ويكمل مدير المركز المصرى للحق فى الدواء حديثة عن الإهمال داخل القطاع الحكومى، موضحاً أن باقى مستلزمات الغسيل لا تصلح كالفلاتر، حيث يوجد تقرير رسمى يؤكد أن نحو 46% من المراكز بأنواعها تستخدم فلاتر حجمها 8.34 متر مربع تستخدم فلاتر حجمها 3.1 متر مربع و8.6، كما أن هناك العديد من المراكز تستخدم الفلاتر أكثر من مرة فى جلسات الغسيل، ما يعرض حياة المريض للخطر، وهو ما حدث بوحدة الغسيل الكلوى بقصر العينى والتى أصيب فيها 19 شخصا بالكبد الوبائى ومع هذا فإن معدلات الإصابة بالعدوى تنخفض فى المراكز الحكومية، بسبب تجميع المرضى حسب حالتهم المرضية الموجبة والسالبة، بينما ترتفع فى المراكز الخاصة لقلة عدد أجهزة غسيل الكلى فيها، وقبولها للمرضى المصابين بفيروس «سى» وأصبح الغسيل الكلوى المصدر الأول للإصابة بالالتهاب الكبدى الوبائى.

وأكد مدير المركز المصرى للحق فى الدواء اختفاء دواء «كيتوستريل» حيث كان سعره بـ220 جنيهاً وتم إيقاف استيراده من الخارج ليصل سعره فى السوق السوداء إلى 1000 جنيه لدرجة أن الأطباء والمركز نادوا بتوزيعه بالشريط بدل العبوات لحاجة المرضى له، أما المحاليل الطبية فالمريض أثناء عملية الغسيل يحتاج إلى 3 عبوات من المحاليل ولعدم وجودها بالمستشفيات يقوم بشرائها على حسابه الشخصى بـ150 جنيها.

عادل رأفت، موظف بالمعاش أحد مرضى الفشل الكلوى، توجه إلى وحدة الغسيل بمستشفى المقطم، بعد أن وجد وحدة الغسيل الكلوى بقصر العينى متوقفة بعد إعلان إصابة 19 مريضاً بفيروس الكبد الوبائى عسى أن يجد مكاناً فى كشفوف المرضى، مؤكداً تعرض مرضى الفشل الكلوى للإهمال نتيجة غياب الرقابة من قبل وزارة الصحة، إضافة إلى قلة الوعى بالوقاية من خلال عدم اتباع القواعد الصحية السليمة، فطاقم التمريض لا يرتدى القفازات أثناء الجلسات الخاصة بغسيل الكلى، والتعامل مع أكثر من مريض فى وقت واحد، الأمر الذى يزيد من فرص نقل العدوى بين المرضى، خاصة الحاملين للفيروسات الكبدية.

وأضاف «محمود» أن هناك عدداً كبيراً من المخالفات الأخرى تتم داخل وحدات غسيل الكلى، منها عدم تغيير الفلاتر المستخدمة بعد كل مريض.

ويذكر «عادل» أحد المواقف التى تعرض لها حينما دخل عليه أحد الأطباء مسرعاً وأخبره بوجود لجنة من حقوق الإنسان تستعلم عن أحوال المرضى وطلب منه أن يخبرهم بأنه خضع للفحص قبل بدء عملية الغسيل كقياس ضغط الدم، وهو ما لم يحدث فى الواقع، مما يؤكد أن المستشفيات الحكومية تعاني من الفوضى.

محد حسن خليل، مدير جمعية الحق فى الصحة، أكد أن المنظومة الصحية فى مصر معتمدة على الخارج، الفلاتر الخاصة بالمرضى نستوردها لدرجة أن الأزمة الاقتصادية جعلت بعض المراكز والمستشفيات تستخدم الفلاتر مرتين، حتى إن المحاليل الطبية التى نصنعها لدينا أزمة فى توافرها، فتصريحات الوزارة ليس لها علاقة بالواقع فنصف المرضى يقومون بعملية الغسيل الكلوى بالقطاع الخاص لأن هناك اتجاهاً إلى خصخصة وزارة الصحة، فهناك أزمة فى نقص عدد الأسرة وصل إلى 50%، ونقص فى عدد الأطباء وصل إلى 35% ونسبة 30% بالتمريض والوزارة تعلن «مفيش مشاكل».