رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

"الرقص المولوى" عشق الزاهد في حب الله

بوابة الوفد الإلكترونية

"المولوي".. كلمة تطلق على الزاهد في حب الله، وتنسب لفرقة أسسها جلال الدين الرومي عام 1207 هجرية، وأطلق عليها فرقة "المولوية"، التي تتبع أحد الطرق الصوفية السنية؛ حيث رأى الرومي ضرورة ظهور دعوة تهدف إلى الحفاظ على الإسلام في النفوس، وحث المسلمين على التماسك والحفاظ على وحدتهم بعد الحروب الصليبية، وظهور فرق ومذاهب مختلفة عدة مثل "المعتزلة والمرجئة".

 

تبدأ جلسات المولوية بالإنشاد الديني، مع التفاف الراقصين حول المُنشد وقيامهم بحركات دائرية لمدة لا تقل عن ساعة كاملة، لتسمو بها النفس إلى حب الله ونقاء القلب والعقل.

 

ويسرحون في عالم الصفاء الروحي للتخلص من المشاعر النفسانية ومن ثم العودة من هذه الرحلة الروحية إلى عالم الوجود بنفس مُحبة بعيدة عن أي ضغائن، والتعامل بتسامح ومحبة مع جميع البشر، علاوة على البعد عن العالم المادي والتقرب للوجود الإلهي.

 

اللون الأسود "قبر" والأبيض "كفن"

أما عن طريقة ملبس راقصي المولوية والمنشد "المغنى أو الموسيقى" فلهم لونان هما الأبيض والأسود، وذلك له مخزى عند الطرق الصوفية، فالمنشد يرتدي عباءة سوداء تدل على القبر، والراقصون يرتدون عباءة بيضاء اللون فضفاضة تدل على كفن الموت، أما عن "الكلة" وهي القبعة العالية فوق رؤوسهم فتكون بنية اللون، وتأتي تلك الملابس تعبيرًا منهم عن حبهم للآخرة وزهدهم للدنيا.

 

الرقص المولوي

 

تبدأ حلقة الذكر المولوية بتلاوة أحد المنشدين بعض آيات القرآن الكريم، ومن ثم يؤدي رئيس الزاوية "كبير المشايخ" بعض الأدعية والابتهالات، وبعد ذلك ينشد أحد الدراويش شعرًا مثل "إذا رمت المنى يا نفس رومي لمولانا جلال الدين الرومى" وعند كلمة مولانا يقوم الحضور بالتصقف ثلاث مرات متتالية، ويبدأ العزف بالنايا وينهض "الدراويش" ليقوموا بالدوران بطريقة فنية خاصة.

بعد ذلك، ينزعون عنهم العباءات ومن ثم تظهر الملابس البيضاء أمام الجالسين، ويظل الدوران على ايقاعات الإنشاد الديني ويكون دورانهم سريعًا وتنفرد ألبستهم الفضفاضة وتتحول على هيئة شكل ناقوس "دائرة"، وأثناء الدوران يشكلون حركات بأيديهم لها معانٍ صوفية، وتكون يده اليمنى متوجهة نحو السماء مستعدًا لتلقي الكرم الإلهى ويده اليسرى التي ينظر إليها متوجهة نحو الأرض ليعطي الناس ما يتلقاه من إحسان الله عزّ وجل، ومن ثم يفتح ذراعيه وكأنه يحتضن المخلوقات جميعًا.

أما عن "اللبادة" أي القبعة العالية فوق الرأس التي تمثل شاهدة قبر النفس الأمّارة، والتنورة البيضاء تعني كفنها وعندما يخلع الدرويش عباءته السوداء يكون بعث وولد في عالم الحقيقة، وفي بداية السماع للمديح الغنائي يضع ذراعيه على جسده بشكل متعارض وبحركة الدوران يفتح ذراعيه متضرعًا لله.

الفن المصاحب للذكر المولوي

 

اشتهر في الطريقة المولوية النغم الموسيقي عن طريق الناي، كونه أكثر الآلآت الموسيقية ارتباطًا بعازفه واعتباره وسيلة للجذب الإلهى، كما أن أشعار وقصائد رجال الصوفية المشاهير مثل "الرومي وسليمان شلبي" تعد بمثابة المادة الدسمة وحجر الأساس في تشكيل الموسيقى الصوفية، وكان يطلق تعبير "درويش" داخل الطريقة المولوية على أقدم المنتسبين لها.

 

المولوية في العالم

مصر.. كان يطلق على اتباع المولويين في مصر "الدراويش أوالجلاليون"، نسبة إلى جلال الدين الرومي، ويطلق على أماكن تجمع المولويين "السمعخانة" أي الإنصات فى "تكية المولويون" بالقاهرة كونها أول مسرح بمصر؛ حيث ترجع عروض فرقة دراويش المولوية إلى العصر العثماني ابتداءً

من القرن السادس عشر الميلادي.

كان معظم المنشدين المولويين في مصر، يقومون بإنشاد الموشحات الدينية في حدود المقامات المعروفة بالغناء من دون مصاحبة آلات عزف، على عكس البعض الآخر الذي كان يستعين بالناي والكمان خلال تأديتهم للموشحات بمساعدة مجموعة من ذوي الأصوات الجميلة يطلق عليها لقب "البطانة"، فالتواشيح الدينية يقوم بتأديتها المغنى وبطانته لخلق نغمة ذي مستوى عالٍ ينصت لها الجميع.

ومن رواد التلحين لهذا اللون الغنائي "زكريا أحمد"، الذي جاءت ألحانه قريبة من الابتهالات الدينية، و"كامل الخلعي" الذي التزم في تلحينه للموشح الديني بوضعه على أحد ضروب الموشحات الغنائية العاطفية.

تركيا.. بدأت المولوية عند الأتراك بدولة قونيا وكان لانطلاقها أثر كبير في الفن والتدين التركي، وأخذت الموسيقى التركية الكثير من أشعار وقصائد كتابي "مثنوي" و"ديوان الكبير" للرومي؛ حيث أدى ذلك لانتشارها في أماكن أخرى من البلاد الإسلامية، واعتاد مشاهير الموسيقى التردد على زوايا المولوية لتعلم أصول الغناء ومنهم" مصطفى أفندي، ومحمد زكائي، ونيزن صالح، وحسين فخر الدين".

ومن أبرز الموسيقين الأتراك فى المولوية بالقرن العشرين "سعد الدين هبر"، وفى نهاية عام 2001 ظهرت منشدة دينية تدعى "سَربيل جوك دَرَه،" وتعد أول امرأة تركية تقوم بالإنشاد والغناء الديني في تاريخ تركيا المعاصر.

ولا تزال الطريقة المولوية مستمرة حتى يومنا هذا في مركزها الرئيسي في قونية ويوجد لها مراكز أخرى في إسطنبول، على رغم من منع الحكومة التركية كل مظاهر التصوف إلا أن الجهات الرسمية في تركيا تستخدم مراسم المولوية كجزء من الفولكلور التركي.

سوريا.. اشتهرت المولوية في مدينة حلب بسوريا، وكان لها جوامع وزوايا كثيرة، على رأسها جامع المولوية في باب الفرج بحلب، والآخر بدمشق ولا يزالان موجودين حتى الآن، ولكن مع مرور الوقت والتطور الفني والثقافي تحولت المولوية إلى فقرة فنية مستقلة تقدمها الفرق الفنية، ومنها فرقة "أمية" للفنون الشعبية.

وحلقة الذكر المولولي مكونة من الشيخ الذي يقود الحلقة ويجلس على يمنه ويساره أمناء له، فالأول ينوب عنه حال غيابه لإعطاء ملاحظات لباقى فرقة المولوية والآخر يقوم بالدوران البطيء وهو يمسك الجبة بطرف إصبعه دلالة على خلوه من الذنوب.