رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

خبير عسكري: مصر تتعرض لهجمة شرسة ولابد من عودة روح أكتوبر

بوابة الوفد الإلكترونية

حرب أكتوبر المجيدة، هي حرب العزة والكرامة، واسترداد الأرض، فهي مرحلة انتقالية كبرى نقلت مصر من فترة حالكة في التاريخ المصري الحديث، إلى فترة أخرى استعادت للعرب، ولمصر كرامتهم، ومكانتهم، وما زلنا نعيش على آثار امتداد هذه الحرب التي أثبتت كفاءة، وقدرة المقاتل المصري، والتعرف علي حقيقة قدرات وإمكانيات الشعب المصري العظيم، وتلاحمه مع قيادته السياسية والعسكرية على مر التاريخ، هذا ما أكده لـ«الوفد» اللواء أ.ح متقاعد الدكتور طلعت موسى المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا والخبير العسكرى ورئيس كرسي الإستراتيجية والأمن القومي بكلية الدفاع الوطني، والذي تخرج فى الكلية الحربية عام 1964، وشارك فى حرب 1967 وحرب الاستنزاف ومعركة أكتوبر 1973، وفي حديث عن ذكريات حرب أكتوبر للواء المقاتل والذي يصف نفسه بهذه الصفة رغم بلوغه سن التقاعد منذ سنوات والذي يقول: أنا لواء بل جندي مقاتل لدي مصر، في أي مجال أعمل به، فمصر تستحق منا الكثير من التضحيات، والفداء، والحديث عن حرب أكتوبر وعلمتنا، لا تتسع مجلدات، لنقل تفاصيلها وقوة وعظمة خير أجناد الأرض فيها، وما أظهروه من بطولات سطرها التاريخ بحروف من نور، واستطرد اللواء طلعت قائلاً: اسمح لي أن أتحدث عن سيناء ودروس حرب أكتوبر، قبل أن أروي ذكريات هذه الحرب العظيمة، فحرب أكتوبر لولم نتعلم من دروس الوفاء والتضحية، وإنكار حب الذات بها، لن نتقدم، ولكن الشعب المصري لا يظهر إلا في الشدائد، فمصر تتعرض لهجمة شرسة، بغرض التقليل من كفاءة انتصارات، وقدرات القوات المسلحة، وهذه التهديدات لم تتعرض لها مصر على مر التاريخ، ولابد من التكاتف والوقوف يداً واحداً، خلف قيادتنا السياسية، وجيشنا العظيم، حتي نعود الي روح حرب أكتوبر المجيدة، فروح انتصار أكتوبر حتماً ستعود، لأن الشعب المصري العظيم يظهر معدنه وقت الشدائد، والأزمات وسيقف الشعب وراء جيشه العظيم، حتى تنهض مصر، ويتم تطهير سيناء من الإرهاب الأسود.

 

«سيناء والأمن القومي»

ويقول اللواء طلعت موسى: سيناء هي البوابة الشمالية الشرقية لمصر والتي أتت إليها الحملات على مر التاريخ لاستهداف مصر، واحتلالها، لما تتمتع به من موقع جيوبولتيكي، وجيواستراتيجي فريد، وأن ما أقدمت عليه القيادة السياسية خلال العامين الماضيين من تنمية سيناء بالتوازي مع مواجهة الإرهاب لم يتحقق علي مدار أكثر من 50 عاما مضت، وان الموقف الحالي في سيناء ينقسم إلى محورين، المحور الأول هوتطهير سيناء من البؤر الإرهابية والعناصر المتطرفة، كما شاهدنا من عمليات متتالية، نسر1، نسر2، وحق الشهيد1، و2، و3، والمحور الاقتصادي عن طريق النهضة التنموية العملاقة، من خلال مشروعات شرق التفريعة وإنشاء المدن الجديدة، القنطرة شرق، والإسماعيلية الجديدة شرق القناة، والمزارع السمكية، وسحارة سرابيوم، التي تروي أراضي سيناء والأنفاق الجديدة، والمدارس، ويدخل كل ذلك في إطار خطة الممانعة وجزء من خطط تنمية القوى الشاملة للدولة، والتي تشمل القوى السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والإعلامية والتكنولوجية، والبيئية، إضافة الى إرادة الشعب القوية، التي ستهزم أي قوة تريد النيل من استقرار مصر العظيمة، وأقول للشباب لابد من تجميع كل مظاهر التوحد، والحب، والتضحية والفداء، في حرب أكتوبر، وكذلك التحدي وقت الانكسار بعد هزيمة 67، وحرب الاستنزاف، وتجميعها، للاستفادة بها في التخطيط، والإعداد والتوعية، لكي ندخل بوابة التقدم والرقي والنهضة لوطننا الغالي والجميع علي قلب رجل واحد كي ننتصر في حرب التنمية والإرهاب كما انتصرنا في الحرب ضد العدوالإسرائيلي.

 

«مبروك يا رجالة»

وعن ذكريات حرب أكتوبر المجيدة، وساعات العبور العظيمة، وساعة الصفر قال اللواء طلعت موسى: كنت وقتها رئيسا لعمليات كتيبة مشاه ميكانيكى وطبقا لبرنامج التدريب اليومى كانت الكتيبة مصطفة فى الطابور الصباحى لإجراء طابور اللياقة البدنية، وإذا بقائد الكتيبة يطلب منى جمع ضباط الكتيبة لعقد مؤتمر مع قائد الفرقة وفى تمام الساعة التاسعة حضر قائد الفرقة، وقال لنا:« مبروك يا رجالة، الساعة التى نتمناها منذ سنوات قد جاءت سنحارب اليوم، وسنحرر سيناء اضبطوا ساعتكم على ساعة جامعة القاهرة الساعة الثانية ظهراً ستعبر الطائرات من فوقكم الثانية إلا خمس دقائق وسيعقبها التمهيد النيرانى بالمدفعية لمدة 53 دقيقة حيث سنبدأ موجات العبور ونتقابل جميعا فى سيناء بإذن الله وانصرف مسرعاً إلى كتيبة أخرى ليقول لضباطها نفس الاوامر والتعليمات، مشيراً إلى إنه فى الساعة الثانية إلا خمس دقائق بعد الظهر بدأ الهجوم بأن انطلقت 200 طائرة فى عنان السماء إلى سيناء لتنفيذ الضربة الجوية على الأهداف المخصصة لها من 3 مطارات وقواعد جوية، دمرت خلالها 10 مواقع صواريخ هوك، و3 مراكز قيادة وسيطرة، وإعاقة إلكترونية، وموقعين مدفعية بعيدة المدى، و3 مناطق شئون إدارية، وعدد من محطات الرادار، وجميع حصون العدو شرق بورفؤاد، وفى نفس اللحظة سقطت نيران أكثر من 2000 مدفع على طول جبهة القناة فى أكبر تمهيد نيرانى لعملية هجومية يشهدها التاريخ لمدة 53 دقيقة بمعدل 175 طلقة فى الثانية، ثم بدأت فى الساعة الثانية والثلث موجات العبور للقوات، ليتم الإعلان عن سقوط أول نقطة قوية للعدو ورفع العلم المصرى عليها وبدأت قوات المهندسين فى نفس اللحظة بدء أعمال فتح الثغرات والممرات فى الساتر الترابى وإنشاء الكبارى لعبور الدبابات والانتهاء منها قبل آخر ضوء لافتا، انه كلف ليلا بمهاجمة مركز قيادة شارون فى جبل القط، وبعد اقتحامه، وجد به مجلة عسكرية عبرية لكبار القادة الاسرائيليين تشبه مجلة الدفاع، وفى أقل من 6 ساعات استطاعت فرق النسق الأول اقتحام قناة السويس على مواجهة 170 كم بقوة 80 ألف جندى من أعز أبناء مصر، لقد كان ذلك رائعا لا يمكن أن ينسى، ولقد سجله التاريخ بكل فخر للعسكرية المصرية وللجندى المصرى، الذى شهد بكفاءته العدو قبل الصديق.

 

صراخ جولدا مائير!

وقال اللواء موسى إن القوات توقفت على الخط الذى استولت عليه حتى يوم 10 اكتوبر نظرا للخسائر الكبيرة التى تكبدتها إسرائيل فى بداية المعركة، فقد اتصلت جولدا مائير رئيس وزراء إسرائيل بالرئيس الامريكى يوم 8 أكتوبر، وهى تصرخ انقذوا إسرائيل، وبدأ الإمداد الأمريكى بالدبابات والمعدات التى تم تدميرها عن طريق الجسر الجوى من أمريكا إلى مطار العريش إلى ميدان المعركة مباشرة، حيث تم أسر

عدد من دبابات العدو، واكتشفنا أن عداد المسافة بها يشير إلى أنها قطعت 150 كم فقط، وهى المسافة من مطار العريش إلى ميدان المعركة، ولذلك فقد كان من الضرورى لنا وقفة تعبوية لمدة أربعة أيام لأكثر من سبب أولا لضمان ثبات وتعزيز رؤوس الكبارى عن طريق استكمال أعمال التجهيز الهندسى لتوفير الوقاية للقوات، ثانيا إتاحة الفرصة لانتقال عناصر ووحدات الدفاع الجوى إلى شرق القناة وإجراء التجهيز الهندسى الملائم لها لتوفير الحماية لقواتنا أثناء القتال، ثالثاً ضمان تحقيق الاتزان الإستراتيجى فى المسرح بفضل وجود الأنساق الثانية للجيوش الميدانية واحتياطات القيادة العامة غرب القناة، رابعاً إعادة تنظيم وتجميع القوات فى رؤوس الكبارى.

 

«كمائن الصاعقة»

وقد استطاعت الصاعقة المصرية الاستيلاء على المصاطب التى أعدها العدو لدباباته، ثم اندفعت جماعات منهم إلى الشرق لإقامة الكمائن لاقتناص دبابات العدو التى تحاول الاقتراب من الساتر الترابى وفى عمق سيناء، وخاضوا قتالاً مستميتاً على الطرق والمضايق ضد مدرعات العدو التى حاولت الاقتراب لإجهاض عملية العبور، حيث واجهوا دبابات العدو بأسلحتهم الخفيفة المضادة للدبابات، وألقوا بأنفسهم فى طريق تقدم العدو وعلى ظهورهم الألغام المضادة للدبابات كى تنفجر فوق أجسادهم مدرعات العدو فى شجاعة منقطعة النظير، ويضيف اللواء موسى، انه بعد عدة دقائق من بدء العبور وضع أكثر من ثمانية آلاف مقاتل مصرى أقدامهم على الضفة الشرقية واقتحموا النقط بالمواجهة ودمروا تحصيناتها، وتم صد وتدمير هجمات العدو المضادة، وقبل آخر ضوء ذلك اليوم عبرت عشرات من طائرات الهليكوبتر المصرية تحمل قوات الصاعقة صوب أهدافها المخصصة لها على طول المواجهة لأعماق تصل 30 الى 40 كم بدأت تنفيذ مهامها المحددة لتعطيل احتياطات العدو التعبوية من الوصول لأرض المعركة، وقبل بزوغ نهار اليوم التالى كانت قواتنا قد عززت مواقعها شرق القناة بأعداد كبيرة من المدرعات والمدفعية والأسلحة الثقيلة، ونجحت قواتنا خلال السابع من أكتوبر فى تعميق رؤوس الكبارى حتى 8 كم شرقا، وتم تحرير مدينة القنطرة شرق، في معركة مدن عظيمة حقق فيها جنود الجيش المصري ووحدات الصاعقة بطولات عظيمة، وانسحب ضباط وجنود العدو إلي عمق سيناء، بعد أن تكبدوا خسائر بشرية فادحة بخلاف الخسائر في المعدات.

 

«14 أكتوبر المجيد»

وقال اللواء طلعت موسى، إن يوم 14 أكتوبر كان من الأيام المجيدة، والتي تدل علي صمود خير أجناد ألأرض، في مواجهة العدو والجسر الجوي الإسرائيلي، وأوضح انه تم تطوير الهجوم يوم 14 اكتوبر، وظهر ذلك من خلال سير أعمال القتال فى المرحلة الأولى للعملية الهجومية الإستراتيجية، وأن العدو يركز جهوده الرئيسية لإيقاف هجوم القوات السورية لما له من خطر كبير على العمق الإسرائيلى بصورة مباشرة، لذا فقد دفعت إسرائيل بالجزء الأكبر من احتياطها تجاه الجبهة السورية، ولإحباط مخطط العدو قررت القيادة المصرية إجبار العدو على نقل جهوده صوب سيناء لتخفيف الضغط على سوريا، ولإجبار العدو على المناورة، لذا تقرر التعجيل بقيام القوات المصرية بالضغط شرقاً على العدو فى سيناء.

وتلخصت فكرة عملية التطوير يوم 14 أكتوبر فى دفع القوات على المحاور الرئيسية الأربعة فى سيناء، وتعرضت خلال تقدمها إلى ستائر الصواريخ المضادة للدبابات التى وصلت حديثا من الولايات المتحدة الأمريكية، لكن قواتنا تمكنت من التوغل لمسافة 12- 15 كم وأوقعت بالعدو خسائر كبيرة واحتلت بعض مواقعه، حتي بدأت مفاوضات وقف إطلاق النار بعد أيام من الصمود، والوقوف علي ارض صلبة، بعد أن وقف العالم كله لينقذ اسرائيل، ويقف انبهاراً بالجيش المصري الذي حقق لمصر المستحيل وقضى على أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر.

وفي نهاية حديثه للوفد عبر اللواء طلعت موسى عن فخره، واعتزازه بما حققته نتائج حرب اكتوبر على المستوى المحلى والإقليمى والعالمى، فلقد كانت سبباً فى إيجاد موقف عربى موحد لم يشهده العالم من قبل، وعززت الوحدة الوطنية المصرية إلى درجة كبيرة، وأعادت للشعب ثقته بالقوات المسلحة، كما قضت على أسطورة جيش إسرائيل الذى لا يقهر، وغيّرت الإستراتيجية العسكرية فى العالم كله حتى باتت القيادة العسكرية فى الدول الكبرى، تعكف على دراسة وتحليل حرب أكتوبر.