رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حوادث الطرق.. عرض مستمر!!

بوابة الوفد الإلكترونية

تغيرت الحياة فى مصر على مدار الأعوام الماضية، تغيرت النظم السياسية والأحوال الاجتماعية والاقتصادية، ولكن الشىء الوحيد الذى لم يتغير هو حوادث الطرق، فمنذ سنوات طويلة تعانى مصر من الكارثة وتجاوز عدد ضحايا المصريين منها اضعاف من فقدوا في الحروب منذ عام 1948 حتى حرب 1973، ولأول مرة تحتل مصر المركز الأول فى مجال بعينه هو مجال حوادث الطرق، إذ تفقد مصر 14 ألف مواطن سنويا، بالاضافة إلى 40 ألف حالة اصابة، ناتجة عن 22.4 ألف حادث طريق سنويا، وتفوق معدلات الحوادث بها المعدلات العالمية بمراحل، وبدلا من أن تبحث الحكومات المختلفة عن حلول جذرية لهذه الكارثة التى تهدد حياة الآلاف وتفقد مصر بسببها 30 مليار جنيه سنويا، راحت جميعا تستهين بالكارثة، ولا تبحث فى أسبابها الحقيقية، بل إن الدكتور سعد الجيوشى وزير النقل جاء بتصريح غريب فى أحد البرامج التليفزيونية وهو أن اصلاح شبكة الطرق سيزيد من معدلات الحوادث، وهو ما يعنى أن الحكومة الحالية أيضا عاجزة عن تشخيص الأسباب الحقيقية للكارثة ولا تسعى لايجاد حلول حقيقية لها.

 

طرق الموت

تؤكد التقارير المختلفة ان مصر تفقد مواطناً كل نصف ساعة جراء حوادث الطرق، ففى حين يتراوح المعدل العالمى لقتلى حوادث الطرق بين 10 و20 شخصا لكل 10 آلاف مركبة، يصل هذا المعدل فى مصر إلى 25 أى 150% من المعدل العالمى، أما فيما يتعلق بالضحايا، ففى حين يتراوح المعدل العالمى لقتلى حوادث الطرق بين 4 و20 شخصا لكل 100 كيلو متر، فهذا المعدل يصل فى مصر إلى 131 قتيلا، أى نحو 30 ضعف المعدل العالمى، ومن حيث مؤشر قسوة الحوادث، فمصر تفقد 22 مصاباً من بين كل 100 مصاب فى هذه الحوادث، بينما المعدل العالمى لا يزيد على 3 قتلى لكل 100 مصاب، هذه المؤشرات تؤكد أن «فيه حاجة غلط» فى مصر، فمعدلات الحوادث مرتفعة وعدد ضحاياها أكثر من المعدلات العالمية بمراحل، الدراسات المختلفة أشارت إلى أن هناك عدة عوامل أدت إلى ما وصلنا إليه الآن، حيث ذكرت أن أسباب كثرة الحوادث ترجع إلى عدة عوامل منها الطرق حيث لا يوجد فى مصر شبكة طرق مطابقة للمواصفات، حيث ان حالة الطرق فى مصر سواء القديمة أو الحديثة يرثى لها، نتيجة لانتشار الحفر والمطبات عليها وعدم وجود أعمدة انارة بمعظمها، هذا بالإضافة إلى مشكلة الفواصل التى تعانى منها معظم الكبارى سواء داخل المدن أو خارجها، كما أنها تعانى من تدنى مستوى الاسعاف على الطرق وخدمات السلامة، كذلك هناك مشكلة نقص الارشادات المرورية على الطرق، أما المشكلة الأخرى التى تعد أحد أسباب زيادة معدلات الحوادث فى مصر، فهى مشكلة المرور نتيجة لغياب الرقابة المرورية على الطرق، وعدم تطبيق القانون، ويكفى أن نذكر أن مصر الدولة الوحيدة التى وصل فيها الفساد للعب بأرواح الناس عن طرق منح رخص قيادة لأشخاص لا يجيدون القيادة لأن لهم واسطة فى المرور أو عن طريق دفع مبالغ لأفراد الشرطة لانهاء الاجراءات، وبعد الحصول على الرخصة تبدأ الكوارث فى الوقوع، هذا بالإضافة إلى مشكلة عدم اتباع قانون المرور على كافة الطرق سواء من حيث الالتزام بالسرعة المقررة، أو ارتداء حزام الأمان أو اتباع الارشادات الموجودة على بعض الطرق، أما الجزء الثالث من المشكلة فهو العنصر البشرى المتمثل فى انخفاض المستوى المهارى لمعظم السائقين، حيث انهم لا يخضعون لعمليات تدريب فعلية، إلا فيما ندر، أو نتيجة للقيادة تحت تأثير المخدرات، وجهل معظم قائدى السيارات بقانون المرور.

 

 

صباح الحوادث

وقد اعتاد المصريون الاستيقاظ صباح كل يوم على أخبار الكوارث المرورية، فمصر التى يبلغ طول شبكة الطرق بها حوالى 46.9 ألف كيلو متر تعتبر حوادث الطرق ظاهرة يومية فيها، ورغم ما تقوم به الدولة منذ سنوات طويلة لزيادة جودة شبكة الطرق، عن طريق انشاء المزيد منها مثل الطريق الدولى الساحلى، وانشاء طرق حرة تقدر بـ 1000 كيلو متر، والتوسع فى انشاء الكبارى التى وصل عددها حتى الآن إلى 181 كوبرى منها 26 كوبرى على النيل، و85 كوبرى علوى، إلا أن كل هذه الجهود لم تفلح

فى الحد من كوارث الطرق التى يتميز معظمها بوجود عيوب فنية لا يتم اصلاحها رغم أعمال الصيانة الظاهرية التى تتم من وقت لآخر، بل ان أعداد حوادث الطرق فى مصر تفوق مثيلتها فى كل دول العالم بما فى ذلك الدول التى تمتلك شبكة طرق أسوأ بكثير من مصر!!

 

مبادرات

 ونتيجة لهذه الظاهرة الفريدة تقدمت عدة جهات بمبادرات لرئاسة الوزراء ولوزارة الداخلية لاصلاح أحوال الطرق إلا أن أى منها لم ينفذ حتى الآن، منها مبادرة الجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق وأسرهم (جمعية أهلية) التى قدمتها للداخلية لضبط حركة التنقل على الطرق السريعة، ما يقلل من معدل الحوادث، إلا أن هذه الخطة لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن، رغم كونها تتضمن مجموعة من الفعاليات لتعليم المواطنين وقائدى المركبات والجهات المعنية قواعد السلامة على الطرق للحيلولة دون وقوع مزيد من الوفيات والاصابات نتيجة لها.

 

نزيف الخسائر

ولا تتوقف الخسائر الناجمة عن حوادث الطرق عند حد الخسائر البشرية فقط، بل تمتد إلى خسائر اقتصادية أيضا قدرها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء بـ 17 مليار جنيه سنويا، إلا أن المستشار سامى مختار رئيس الجمعية المصرية لرعاية ضحايا حوادث الطرق قدرها بـ 30 مليارا فى تصريحاته، فيما ذكرت احصاءات البنك المركزى أن شركات التأمين قامت بسداد 5.5 مليار جنيه خلال الثلاث سنوات الماضية كتعويضات عن حوادث السيارات فى مصر.

 ولذلك تقدم الدكتور أسامة عقيل أستاذ الطرق بكلية الهندسة جامعة عين شمس بمبادرة أخرى لمجلس الوزراء للحد من حوادث الطرق من خلال المجلس القومى للسلامة على الطرق إلا أنها لم تلق الاهتمام الكافي، مطالبا الرئيس السيسى بالاهتمام بالأمر شخصيا انقاذاً لحياة المصريين، مشيراً إلى أنه لا يمكن منع حوادث الطرق نهائيا ولكن يمكن الحد منها، الغريب فى الأمر أن المجلس القومى للسلامة لم يجتمع منذ حوالى 10 سنوات، ومع ذلك يرى الدكتور عبدالجواد بهجت أستاذ النقل والطرق بجامعة عين شمس ومدير المعهد القومى للنقل سابقا: أن حوادث الطرق فى مصر لها أسباب عديدة منها الأخطاء البشرية، وعدم الالتزام بقواعد المرور، بالاضافة إلى الخلل الموجود فى المركبات نفسها، وهذه المشكلات يتم القضاء عليها من خلال تطبيق القانون على الجميع، أما السبب الآخر للحوادث فهو الطرق والتي لابد من اخضاعها لعمليات صيانة دورية، خاصة أن الجميع يعلم أن هناك نقاطاً سوداء على الطرق فى مصر تكثر عليها الحوادث، وهذه لابد من علاجها حتى يمكن الحد من الحوادث.

جدير بالذكر أن أحمد ابراهيم المتحدث الرسمى باسم وزارة النقل أكد مرارا أن الطرق فى مصر تحتاج إلى صيانة وهذا الأمر يتطلب 6 مليارات جنيه، وإلى أن يتم توفير هذه المليارات الستة وتفعيل قوانين المرور بحزم سيظل نزيف الدم على الأسفلت مستمرا.