رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ورحل أستاذ القرن.. وذاكرة مصر المعاصرة

الرالحل محمد حسنين
الرالحل محمد حسنين هيكل

بين دهاليز الرؤساء... ولمدة تزيد علي سبعة عقود عاش الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل، فقد عاصر ملكين و7 رؤساء جمهورية، يرسم  المشهد السياسى  بقلمه ورؤيته السياسية  التي  كان يطلق  لها العنان، غير مبال بما  يكال له  من اتهامات  فى كثير من  الأوقات، ساهم في صياغة السياسة في مصر منذ فترة الملك «فاروق» حتى الآن.

وصف بكثير من الألقاب  منها  أستاذ القرن.. وذاكرة مصر..  والكاتب الصحفى الأول.. والأهم على الإطلاق، كما  كان شخصية  مثيرة للجدل  على مدار الأنظمة المختلفة، فكان كل نظام  يسعى للتقرب منه  طمعا فى خبرته  السياسية.. إلا انه  كان كالنسر  الجارح، تخشى آراءه  الأنظمة العربية والغربية  على السواء، كما أنه من دون شكّ، أهمّ الصحفيّين العرب في القرن العشرين، وأشدّهم تأثيراً، سواء أكان في السلطة أو في المعارضة.

قال عنه هنري كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق: «تستطيع أن تعرف من خلاله كل شيء عن الشرق الأوسط لو التقيته»، واعتبره المؤرخ الفرنسي جان لاكوتور «الشخصية الأكثر إثارة للاهتمام في مصر المُعاصرة».

الأستاذ كما يطلق عليه الكثير.. هو اللقب الذى أعطاه له  الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عندما رشحه لتولى  منصب  وزيراً للإرشاد القومى عام 1970، ليكون الصحفى الوحيد الذى يجمع  بين منصبين  رئاسة تحرير «الأهرام»، ووزير لـ«الإرشاد».

ولد «هيكل» فى 23 سبتمبر 1923 فى قرية باسوس إحدى قرى محافظة القليوبية، وبدأ مشواره الصحفى عام 1942، ويمتلك ثروة من الوثائق المهمة، ويتمتع بثقافة واسعة، ولديه معارف بقادة صنعوا التاريخ، استطاع  من خلالها، أن يقرأ الماضي، ويُحلل الحاضر، ويتحدث عن المستقبل.

اتسمت العلاقة بين «هيكل» ومحمد نجيب بالكثير من الخلافات، فكان لـ«هيكل» الكثير من التحفظات علي «نجيب»،  الى أن التقى «هيكل»  بجمال عبدالناصر.

بدأت  معرفة «هيكل»  بـ«عبدالناصر»  عام 1948 أثناء حرب فلسطين، حينما أصر «هيكل» على السفر إلى فلسطين لتغطية أخبار الحرب وكان الصحفى المصرى الوحيد الذى استطاع السفر إلى هناك بطريقته الخاصة، وليقابل «عبدالناصر» باعتباره أحد أبطال الحرب.

كانت ثورة 23 يوليو بمثابة ميلاد جديد للأستاذ القرن  واستطاع من خلال متابعته وتغطيته لتطورات حركة الجيش ورحيل الملك وتشكيل الوزارة، أن تنشأ بينه وبين «عبدالناصر» علاقة وطيدة، وحرر كتاب صدر للرئيس جمال عبدالناصر عام 1953 بعنوان «فلسفة الثورة». وكان الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل أقرب الصحفيين إلى الرئيس جمال عبدالناصر، وأول كتاب له  إيران فوق بركان، بعد رحلة إلى إيران استغرقت شهراً كاملاً.

وظهرت الصداقة التى ربطت «هيكل» بـ«عبدالناصر» جلية فى صياغته لخطاب التنحى الذى ألقاه «عبدالناصر» على الشعب بعد حلول نكسة عام 1967، وهو الخطاب الذى تمكن فيه الرئيس المهزوم من جعل موقف المصريين موقفًا عاطفيًّا يتمسك فيه المصريون برئيسهم. ازداد الحقد عليه بعد أن أصبح الصحفى الوحيد الذى يحضر جلسات المباحثات والاجتماعات الخاصة التى يعقدها «عبدالناصر»، ولكى يحسم «عبدالناصر» الجدل حول حضور «هيكل» كان يضع اسمه ضمن وفد مصر الرسمى، ويكلفه بنقل رسائل غير رسمية.. وكان من نتيجة ذلك أن تعرض «عبدالناصر» لضغوط لم يسبق لها مثيل، ليس من الصحفيين الكبار فقط، ولكن من زملائه أعضاء مجلس قيادة الثورة،  لذا خصصت اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى جلسة كاملة فى عام 1969 لمحاكمة «هيكل»، وسبق الجلسة تحضير واتصالات لكى يقف الجميع ضده بعد أن فاض بهم الكيل من الحظوة التى يتمتع بها عند «عبدالناصر» حتى أصبح أقرب الناس إليه وأكثرهم اطلاعاً على أسراره.

حين تحدث الكاتب الكبير حسنين هيكل عن فترة معاصرته للزعيم، قال: «كان عبدالناصر يتصل بى مرتين، الأولى قبل نومه، والثانية عندما يستيقظ».

فى عام 1956 اعتذر «هيكل» فى المرة الأولى عن مجلس إدارة ورئاسة تحرير «الأهرام»، إلا أنه قبل فى المرة الثانية وظل رئيساً لتحرير «الأهرام» لمده 17 عاماً، كما بدأ عام 1957 فى كتابة عموده الأسبوعى بـ«الأهرام» تحت عنوان «بصراحة»، والذى انتظم فى كتابته حتى عام 1994، وأنشأ مجموعة من المراكز المتخصصة لـ«الأهرام» وعلى رأسها مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية.

 

معارك وصراع حيتان فى عهد «السادات»

جمع الرئيس أنور السادات والتوأمان مصطفى وعلي أمين، فى بداية توليه الحكم علاقة ود ظاهرية انتهت بعداوة شديدة وخصومة جارحة، وصفت وقتها بأنها «صراع حيتان هائجة في البحر حولته بجراحها إلى بقعة حمراء من الدماء» حسب تعبير «هيكل» نفسه، وقد بدأت علاقته مع «هيكل» مبكراً جداً نظراً لاقترابه من صناع القرار بعد ثورة يوليو 1952، ثم استقرت علاقتهما تحت جناح «عبدالناصر»، وكان «السادات» يحسده في بعض الأوقات على قربه الشديد من الرئيس، وقرب رحيل «عبدالناصر» كانا من أقرب معاونيه إليه، وبعد الرحيل وجدا نفسيهما متحالفين حد الالتصاق في مواجهة مع

جماعة من المتنفذين عند قمة السلطة لم يكونا على وفاق معها، وانتصرا معاً على هذه الجماعة في مايو 1971، وانفرد «السادات» بالحكم، وظل على قربه من «هيكل» حتى حرب أكتوبر سنة 1973، وبعدها مباشرة دبت الخلافات بينهما، واختلفت المراكز، وتعدلت التوجهات، وصار مطلوباً من «هيكل» أن يعبر عن سياسات لم يعد مقتنعاً بصحتها، فافترقا عند اللحظة نفسها مع عودة علي أمين من الخارج، وخروج مصطفى أمين من السجن، وهي اللحظة نفسها التي واكبت قرار «السادات» بإخراج «هيكل» من مؤسسة «الأهرام».

 

أول من قال لنظام «مبارك» كفاية

ما بين التأييد والمعارضة دارت العلاقة بين الأستاذ أو «الجورنالجى» كما كان يحب أن يطلق على نفسه، عندما تولى «مبارك» حكم مصر عام 1981 بادر بالإفراج عن كل المعتقلين فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، ومن بينهم «هيكل»، ودعاه إلى قصر الرئاسة ودار حديث بينهما لـ6 ساعات متواصلة، وفقا لما أورده «هيكل» فى كتاب «مبارك من المنصة إلى الميدان»، وأعلن «هيكل» عن تأييده الشخصى لـ«مبارك» فى البداية، ودعا كل المواطنين لمساندته لينجح فى أداء مهمته بنجاح.

شاب التوتر علاقة «هيكل» بـ«مبارك» عندما جرى تمرير القانون 93 لسنة 1995 لنقابة الصحفيين وقتها وجه رسالته القوية للنظام، قال فيها: «إن هذا القانون فى ظنى يعكس سلطة شاخت فى مواقعها وهى تشعر أن الحوادث قد تجاوزتها».

 وازداد التوتر عام 2002 عندما ألقى «هيكل» محاضرة فى الجامعة الأمريكية قال فيها «إن السلطة شاخت فى مواقعها، وهناك مخطط واضح لتوريث الحكم، ومهما كانت الصورة حلوة، فلابد أن نقول كفاية. 

 

«هيكل»: «الإخوان » جزء من الماضى

كالعادة عندما تولى محمد مرسى رئاسة البلاد، طرق باب  «هيكل» ودعاه للجلوس معه للاستماع إلى تصوراته للمشهد السياسي، حيث عقد «مرسى» لقاء بينه وبين «هيكل» استغرق حوالى 100 دقيقة شهد مناقشات بين الجانبين حول الأوضاع الراهنة الداخلية والخارجية، لكنه كان غير راض عن وصولهم إلى الحكم، فأغلق  كل قنوات الاتصال مع «مرسى»  وجماعته. قال  «هيكل»، عنهم فى آخر تصريحاته إن «الإخوان» كانوا جزءًا من الماضي، وهم جزء من مشروع حلف الأطلنطي ودول أوروبا الغربية وتركيا وقطر وغيرها.

ثورة 30   يونية  الوجه الآخر لـ25 يناير

أكد «هيكل» أن  ثورة 30   يونية   الوجه الآخر لـ25 يناير، وأنها  المشهد الأول في التاريخ المصري الحديث، لافتًا إلى أن أسباب فشل 25 يناير  عدم وجود ممارسة سياسية وأوضاع اقتصادية صعبة متراكمة وقبضة أمريكية، ومن هذا المنطلق حرص على لقاء المستشار عدلى محمود منصور خلال توليه رئاسة الجمهورية فى المرحلة الانتقالية، للاستماع إلى رؤيته حول التطورات الداخلية والخارجية. وقال «هيكل» عن الثورة «إننا أمام شعب بدأ يعود إليه الأمل والقدرة على الإنجاز واستعادة أحلامه في مواجهة الإرهاب مع شخص موثوق يقود العمل بتفويض منه».

 

«هيكل»: «السيسى» مرشح الضرورة

لم تكن علاقة الكاتب حسنين هيكل بالرئيس عبدالفتاح السيسى وليدة   لحظة توليه رئاسة البلاد عقب  ثورة 30 يونية، وإنما رجعت جذورها  إلى مارس ٢٠١٠ عندما تولى «السيسى» رئاسة المخابرات الحربية، وانحاز الاستاذ إلى ترشيح «السيسى» لرئاسة الجمهورية، عقب سقوط حكم الإخوان وكان هو من سماه بـ«مرشح الضرورة».