عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الجمارك تبيع اللحوم المستوردة فى المزاد العلنى بالموانىء

احدى شحنات الكبدة
احدى شحنات الكبدة المستوردة التى تم اعدامها

ترشيد الاستيراد لا يعنى بالضرورة إلحاق الضرر بالمستهلك أو المستورد، إذا كان يستورد سلعة ضرورية تمثل أهمية بالغة للمصريين مثل الحوم.. نقول ذلك لأن الحكومة ومعها البنك المركزى تصم آذانها عن الأزمة الطاحنة التى تشهدها الموانئ، وهى احتجاز عشرات الشحنات من اللحوم والكبدة والأسماك لفترات طويلة جداً لعدم قدرة المستوردين على تخليص بضائعهم لأنهم ببساطة شديدة لا يجدون الدولار، ويخطبون ود البنك المركزى كل يوم ليوفر لهم الدولار دون جدوى، الأمر الذى يؤدى فى النهاية إلى قيام إدارات «المهمل» التابعة لمصلحة الجمارك فى الموانئ المختلفة ببيع هذه اللحوم فى المزاد مستغلة فى ذلك المادة 126 فى الباب التاسع من قانون الجمارك الذى يمنحها الحق فى بيع البضائع التى مضى عليها أربعة أشهر فى المخازن الجمركية أو على الأرصفة بعد موافقة الوزير!! باختصار شديد صمت الحكومة على ما يحدث فى الموانئ من احتجاز لشحنات اللحوم المستوردة لفترات طويلة جداً يعد بمثابة ارتكاب جريمة بشكل غير مباشر فى حق المواطن، لأن المستورد فى كل دول العالم للسلع الضرورية يلعب دوراً محورياً فى ضبط السوق.. السطور التالية تكشف تفاصيل مأساة مستوردى اللحوم فى الموانئ.

بداية نؤكد أننا مع الحكومة فى ترشيد استيراد السلع الاستهلاكية «الاستفزازية» وكذا التى لها مثيل محلى ودون المساس بمستلزمات الإنتاج للمصانع.. ونؤكد أيضاً أن مسألة استيراد اللحوم أمر فى منتهى الأهمية للمواطن المصرى وللسوق لأن الإنتاج المحلى لا يكفى لسد احتياجات المواطنين الذين يستهلكون سنوياً ما يقرب من مليون طن والمعروض من الإنتاج المحلى لا يكفى ولن يكفى فى يوم من الأيام بسبب الزيادة الرهيبة فى التعداد السكانى، بالإضافة إلى أننا شعب استهلاكى من الدرجة الأولى.

ثروتنا الحيوانية فى الضياع

مصر لا يوجد فيها ثروة حيوانية مقارنة بدول أقل منها شأناً مثل إثيوبيا أو السودان.. تلك حقيقة واقعية لا جدال ولا ريب فيها والأمر الواقع والمؤلم أن ثروة مصر الحيوانية تتناقص عاماً بعد الآخر، فثروة مصر الحيوانية سجلت عام 2010 نحو 11 مليون رأس، والعام الماضى كانت لا تتجاوز 8 ملايين رأس، والتوقعات تشير إلى أنه خلال الخمس سنوات المقبلة لن تتجاوز ثروتنا الحيوانية على أقصى تقرير 5 أو 6 ملايين رأس، ونخلص من ذلك إلى أن استيراد اللحوم يمثل أهمية قصوى للسوق وللمصريين، واستيراد اللحوم أصبح لا يقل أهمية عن استيراد القمح والزيوت وكافة السلع الغذائية الاستراتيجية الأخرى، ولا عيب ولا ضرر أن نكون دولة مستوردة لحوم لأن غالبية دول العالم تستورد ودولة مثل الإمارات العربية المتحدة ليست ببعيدة علينا وتعد من الدول المستوردة بالدرجة الأولى للغذاء، واردات مصر من اللحوم المجمدة لا تتجاوز 250 ألف طن ويتم استيرادها من الهند والبرازيل وهى الأسواق الرئيسية المصدرة، أما الكبدة فيتم استيرادها من أمريكا، والبرازيل، وأستراليا، ونيوزيلندا، ويتم استيراد الأسماك من عدد كبير من دول العالم واللحوم المجمدة والأسماك والكبدة بمثابة سلع ضرورية للسوق وللمواطن الذى لا يستطيع تحت أى ظروف معيشية الاستغناء عن تناول البروتين الحيوانى، وتشكل واردات مصر من الأصناف الثلاثة من 60 إلى 70٪ من احتياجات السوق على أقصى تقدير لأن إنتاج مصر ضعيف جداً ولا يكفى!

صراخ فى الموانئ

كل المستوردين للحوم المجمدة والسلع الغذائية الأخرى بلا استثناء يصرخون ليلاً ونهاراً بالموانئ لتكدس بضائعهم هناك بسبب عدم قدرتهم على تدبير الدولار لسداد مستحقات الشركات الموردة وشركات الشحن والتفريغ، والبنوك عاجزة مثل لاعب الكرة المصاب بالرباط الصليبى عن تدبير الدولار وتوفيره للمستوردين رغم تقديمهم المستندات المتعلقة بالشحنات المستوردة.. هناك شحنات محتجزة لعشرات الشركات ومنها على سبيل الذكر مور تريد الجمال ودلتا ستار وألمار وفودستار ومارين فودز والشركة المتحدة وفريجو فودز وشركة سيد النواوى وشركة أحمد فاروق وشركة إيجى جيت وغيرها من الشركات غير القادرة على تخليص بضائعها من الموانئ لعدم حصولها على المستندات من البنوك لعدم قدرة البنوك على تدبير المبالغ الدولارية المطلوبة لتخليص هذه البضائع والإفراج عنها فى الموانئ.

مزادات فى «المهمل»

ينتج عن تأخر الإفراج عن رسائل اللحوم والكبدة والأسماك فى الموانئ قيام إدارات «المهمل» التابعة لمصلحة الجمارك ببيع بعض الرسائل المستوردة عن طريق المزادات العلنية بأبخس الأسعار خاصة للرسائل التى تقترب فترات صلاحيتها من الانتهاء والمستورد برىء من اقتراب فترات الصلاحية على الانتهاء براءة الذئب من دم ابن يعقوب، ولكن المسئول الأول عن ذلك هو الحكومة ومعها البنك المركزى وكلاهما يتقاعس ويتخاذل عن التدخل لحل

وحسم المشكلة من جذورها، تذهب الرسائل المستوردة إلى إدارات المهمل لعجز المستورد عن تسديد رسومها والغرامات المستحقة عليها بالدولار وبقى أن نذكر أن سعر كيلو السمك وصل فى المزاد إلى 3 جنيهات مع أن تكلفة استيراده لا تقل عن 10 جنيهات.

«سويلم» يناشد المركزى

التقت «الوفد» المهندس سمير سويلم، ممثل الاتحاد العام للغرف التجارية لشئون اللحوم والأسماك والدواجن، وهو فى الوقت نفسه من كبار المستوردين وله سمعته العالمية فى هذا المجال، حيث يتعامل مع كبار الموردين فى العالم.. يقول «سويلم» إنه لا يعقل ما يحدث لرسائل اللحوم المستوردة فى الموانئ فهناك أكثر من 30 ألف طن أسماك وكبدة ولحوم بالموانئ محتجزة، وتنتظر مصيرها بالإعدام نظراً لاقتراب فترات صلاحيتها من الانتهاء تشمل الرسائل التى تنتظر الإعدام «12» ألف طن أسماك و«10» آلاف طن لحوم، و8 آلاف طن كبدة، ويؤكد المهندس سمير سويلم أن صلاحية هذه البضائع 6 أشهر، وتصل إلى الموانئ بعد 3 أشهر فى المتوسط من تاريخ إنتاجها، وتنتظر فى الموانئ المصرية من 4 إلى 7 أسابيع فى انتظار التدبير المالى من البنوك، ويتم الإفراج عنها بعد 5 أشهر وبالتالى لا يتبقى لها سوى شهر واحد لاستهلاكها والتصرف فيها قبل انتهاء صلاحيتها مما يكبد المستوردين خسائر فادحة، وأحياناً يضطر المستورد إلى بيع البضاعة بأقل من تكلفتها الحقيقية، كما يؤكد المهندس سمير سويلم أن تكلفة الغرامة التى يسددها المستورد إلى شركات الملاحة الأجنبية نتيجة التأخر فى الإفراج عن الرسائل تتراوح بين 4 و4 جنيهات للكيلو الواحد الأمر الذى يؤدى فى النهاية إلى زيادة فى التكلفة تصل إلى 30 و40٪ للرسائل المستوردة مما ينتج عنه تحميل هذه الزيادات على المستهلك علماً بأن كل حاوية لا تقل حمولتها عن 25 ألف طن. ويتساءل المهندس سمير سويلم: لمصلحة من ذهاب الغرامات التى يتم تسديدها بالدولار إلى شركات الملاحة العالمية فى الوقت الذى تنادى فيه الدولة بزيادة الحصيلة الدولارية؟!

ويضيف «سويلم» أن مصر فى حاجة ماسة إلى هذه الأموال، وعلى البنك المركزى القيام بعمل منظومة ثابتة تتمثل فى قيام البنوك بتسليم المستندات وتوفير العملة اللازمة لهذه السلع التى تواجه قرب انتهاء صلاحيتها والمهددة بالإعدام دون ذنب اقترفه وارتكبه المستورد. ويكشف المهندس سمير سويلم عن قيام بعض المنتجين فى غالبية الدول المصدرة إلى مصر بالحد من التصدير إلى مصر بسبب تأخر سداد قيمة الشحنات ووصول المستندات، حيث تصل بعد أكثر من شهرين الأمر الذى يؤدى فى النهاية إلى وجود اختناقات حادة فى الأسواق من اللحوم والبروتين الحيوانى ناهيك عن الارتفاع المتوالى فى الأسعار خاصة أن الإنتاج المحلى لا يكفى احتياجات السوق الآخذة فى التصاعد، وهذه هى تفاصيل المأساة التى تحدث فى الموانئ لرسائل اللحوم المستوردة والتى تبحث عن مسئول جرىء صاحب قرار يتدخل لحلها بدلاً من أن يتم قتل المستورد بيد الإهمال أو يتم إعدام اللحوم على يد عشماوى فى مهمل الجمارك!!