رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

دولة الميكروباص خارج السيطرة

بوابة الوفد الإلكترونية

أصبح الميكروباص في مصر، دولة خارج حدود الدولة، تحكمها شريعة الغاب السائقون فيها يمثلون معظمهم الذئاب، فيما يجسد المواطنون دور الضحية.

عندما يغيب القانون فى الشارع وينفلت النظام المرورى،تصبح الشوارع والميادين في قبضة البلطجية ،وتسعى عصابات من المسجلين الخطرين إلى الاستفادة من كل موقع للتعدى على الممتلكات العامة.

ولأن الرقابة شبه مغيبة فمن الطبيعي أن تتحول الشوارع لما يشبه السيرك حيث آلاف سيارات الميكروباص التى تسير في شوارع القاهرة الكبري ومعظمها متهالك وغير صالح للاستخدام الآدمي وتسير دون رقيب، وبعضها دون لوحات معدنية ويقودها سائقون متهورون لا يعرفون من أصول القيادة شيئا كل همهم اصطياد الركاب ولو كان المقابل شللاً يصيب الشوارع بسبب السير الخاطئ والانتقال من أقصي اليمين إلي أقصي اليسار والعكس، ولا يتوقف المشهد عند الضرب بقوانين المرور عرض الحائط بل يجسد السلوك الأخلاقي للعديد من السائقين نموذجاً خارجاً علي المألوف، حيث يمتلكون قاموسا بذيئا يتعاملون به مع غيرهم سواء كانوا ركابا أو مارة.. لا كبير لديهم وحياة الناس لعبة بين أيديهم؟ تجدهم في كل مكان وضحاياهم يتساقطون بالمجان.. المكان المفضل عندهم لتحميل الركاب هو مطالع ومنازل الكباري ضاربين بالقانون عرض الحائط  رافعين شعار «أكل العيش يحب الخفية» فقد حولوا شوارع وميادين القاهرة إلى «سيرك « لا مثيل له.

 

فتش عن الأمن

يجيد السائقون استغلال عدم التواجد الأمني وعدم تنفيذ القانون على أرض الواقع، ببراعة فائقة ليفرضوا زيادة غير قانونية على الأجرة، حتى دون مراعاة المسافات، فمن ينزل في منتصف الطريق يدفع ذات الأجرة التي يدفعها من ينزل في نهاية الخط.

بالإضافة إلى انهم ابتدعوا أسلوباً شيطانياً، يحققون من خلاله ثلاثة أضعاف أو أكثر من الربح العادي، حيث يستغلون تقسيم الطريق إلى محطات، وهو ما بات يعرف بين الأهالي والسائقين بـ«تقطيع الطريق» إلى ثلاث أو أربع مراحل، يدفع فيها المواطن كل مرة الأجرة المقررة قانونا، ويصل عمله متأخراً بسبب إصرار السائق علي تحميل مزيد من الركاب والخلاف الذي ينشب بسبب فرض البعض رسوم أجرة إضافية.. ويصر هؤلاء في اختلاق مبررات كاذبة لكسب تعاطف المواطنين، والخروج من كلمات الاحتجاج المتكررة من قبل الركاب، حيث يدعون انهم يقومون برفع الأجرة نظرا لكثرة المخالفات التي تفرض عليهم، والتي تتجاوز سعر السيارة ذاتها في العام.

 

سلبية المواطنين

«دنيا الميكروباص» ليس الجاني الوحيد فيها السائق فقط، بل أيضا تلعب سلبية المواطنين دوراً مساعدا له يزيد من جبروته، حيث اعتاد المواطن المصري على المثل القائل «هين قرشك ولا تهين نفسك»، مما يجعل اعتراض أحد الركاب على زيادة الأجرة أو ارتفاع صوت الكاسيت أو غيره، محاولة غالبا ما تبوء بالفشل.

ولم تتوقف مهزلة الميكروباص فقط عند ذلك بل إنهم يسيرون بسرعة زائدة ومتهورة بل امتدت أيضا لتشمل صورة أخري اكثر بشاعة وعشوائية بعد ان فرضوا مواقف لهم «على مزاجهم» بعيدا عن المواقف الرسمية سائقوها يرتعون ويعبثون فى الشوارع والطرق ومخالفتهم بالجملة من إثارة فوضى وبلطجة واستغلالا وتسيباً وابتزازا وزحاماً وانفلاتا وتلاعباً بالأرواح وارتكابا لآلاف المخالفات، وفى مقابل ذلك تتوقف حركة المرور هناك، ورجال المرور تركوا لهم الحبل على الغارب، فقد وضعوا هؤلاء السائقون أيديهم علي مساحات واسعة في الشوارع واستولوا عليها في غيبة تامة من المرور الذي لم يستطع التعامل معهم فوجدوها فرصة لفرض سطوتهم وإحكام سيطرتهم علي جانبي الطرق الرئيسية والفرعية بل وفي مطالع الكباري ومنازلها.

 

مافيا تتمدد

تتوغل فوضى الميكروباص وتنتشر.. رغم كل التصريحات التى تخرج علينا من  المسئولين وقيادات ادارة المرور بالضرب بيد من حديد علي العابثين بقانون المرور وانتهاء مافيا الميكروباص.. ولكن لاتزال تصريحات وردية غير واقعية لا تطبيق لها علي ارض الواقع، الخبراء والمتخصصون أمطرونا بوسائل عديدة للتعامل مع تلك القضية التي أصبحت تعد بمثابة قضية أمن قومي سواء من خلال تشديد العقوبات تجاه المخالفين وإحكام الرقابة علي المواقف والحد من السيارات المتهالكة والإكثار من الدوريات المرورية ووضع كاميرات لمراقبة السرعة والتصدي لمخالفات سائقي السرفيس وإجراء بعض التعديلات في الشوارع والميادين لتحقيق السيولة المرورية، إلا ان تلك الإجراءات لم تكن كافية للحيلولة دون وقوع الحوادث، كما ان معظمها لم يتم الأخذ به أو تنفيذه ليصبح مجرد مسكنات تتصدر وسائل الإعلام المختلفة حين وقوع الحوادث.

ففى شوارع القاهرة وكذلك ميادينها الرئيسية انتشرت فيها وسائل الانتقال العشوائية يمارس أصحابها الفوضي وانتهاكات بالجملة، بينما القانون فى إجازة، والأجهزة المعنية «نائمة»، والبلطجة هى سيد الموقف، مما أعطى الفرصة لظهور الخارجين على القانون، وانتشار كل أنواع المخالفات فى الشارع المصرى!، ويدفع ثمنها المواطن البسيط محدود الدخل من دمه وأعصابه ووقته وماله، بعد ان شكل سائقو المركبات العشوائية مافيا عجزت الجهات المعنية بالمحافظات عن التصدى لها، بعد ان فرضوا سطوتهم على الركاب.

ناهيك عن السائقين الذين لا تتعدى سنهم الـ15 عاما  يعملون تحت سمع وبصر رجال المرور ويقودون سيارات عشوائية لا تحمل أرقام لوحات أو تراخيص ويجوبون الشوارع والميادين ليلاً ونهاراً، ينحرفون يميناً ويساراً فاصبح الشارع أشبه بالأكروبات فى محاولة للهروب من الزحام المرورى، مما ينتج عن هذه التصرفات تكدس واختناق مستمر على الكبارى والطرق الرئيسية والفرعية، ويعرِّضون حياة المارة للخطر.

بالإضافة الى الميكروباصات التى تشبه علبة السردين المغلقة

من تكدس المواطنين داخلها، والتى تعمها الفوضى والعشوائية والوقوف صفاً ثانياً وثالثاً لتحميل الركاب، وان كان عدد الميكروباصات لا يكفى عشرات الركاب، الذين يقفون فى طوابير يتزاحمون على أبواب الميكروباصات وتقف تلك السيارات فى منتصف الشوارع غير عابئين بما يحدث من تكدس وازدحام كل ما يهمهم هو «شحن» الركاب.

 

الدولة في إجازة

ومن ظواهر الانفلات التي تغض الأجهزة الطرف عنها التي يقوم أفرادها بتحصيل إتاوات يومياً «10 جنيهات» من كل سيارة، حتى أصبحت الأرصفة والشوارع تحت احتلال تلك العصابات التي حولت العقارات الموجودة فى أماكن عدة إلى جراجات تعمل بشكل غير قانونى، مما ساهم في مزيد من حجم الفوضى والزحام المرورى بوقوف السيارات صفاً ثانياً وثالثاً للانتظار لفترة طويلة، ناهيك عن البلطجة والألفاظ البذيئة وعدم احترام القانون.

وفى بعض الأماكن خاصة الحزام المحيط بالقاهرة وفي قلب العاصمة أحياناً كثيرة مثل منطقة بولاق الدكرور تجد سيارات نصف نقل تسير دون لوحات أرقام يستخدمها أصحابها في نقل الركاب بحشرهم سواء بالوقوف لحين أن يأتى ميعاد النزول أو الجلوس على دكة خشب بطول المركبة، لكنها فى الحالتين هى وسيلة غير آدمية تقوم بالتجول داخل الشوارع فى غيبة الرقابة والقانون.

وفي معرض البحث عن أسباب تلك الفوضي المرورية حيث أكد سيد إبراهيم، رئيس حى بولاق الدكرور سابقاً: ضرورة تنظيم كافة وسائل النقل العشوائية مثل الميكروباص والمينى باص، على أن تكون تابعة للشركات التى تمولها الدولة، مع السماح للأفراد العاديين والمستثمرين فى قطاعى النقل والطرق، بالاشتراك تحت مظلة هذه الشركات، على أن تغطى جميع مناطق مصر، وتتاح فى جميع الأوقات، طبقاً لخطط حركة مرورية، وتقع علي الشركة المسئوليات الجنائية، فى التأكد من جودة السيارات والسائقين، الذين يتولون نقل الركاب فى المسارات المختلفة.

وأشار إلى ضرورة صيانة السيارات، لتكون بحالة جيدة وصديقة للبيئة وصيانتها بشكل دوري وإجراء الكشف الطبى على السائقين والعمل علي تثقيفهم لتعليمات المرور، وإقامة مواقف للسيارات بجوار مواقف النقل الجماعى، حتى يتمكن مرتادو هذه المواقف من ركن سيارتهم، بما يقدم حلولاً فعلية لمشاكل الفوضى والزحام والانتظار، وتحقيق انسيابية مرورية أفضل.

وتابع «إبراهيم» انه يجب الانضباط فى تنفيذ الحملات من ناحية إدارة السرفيس التابعة للمحافظة والتى تقوم بالتنسيق مع الحى لمراقبه السيارات وخطوط سيرها وسلامتها من ناحية «الأمن والمتانة».

 

رجال المرور ضحية!

ويعترف خبراء في المرور أن جمهورية الميكروباص باتت أكثر خطورة مما يتوقع أى شخص من حيث الفوضى والعشوائية التي أصبحت عنوان معظم الميادين والشوارع، إضافة إلى تكدس الركاب، مما يعرِّض المواطنين للموت، وبالتالى أصبحت بحاجة إلى إعادة التنظيم، فهناك عقبات تواجه ضباط المرور فى الشارع، ومنها تقسيم خطوط السير إلى ثلاث أو أربع محطات، وزيادة الأجرة، فضلاً عن إثارة الفوضي والبلطجة والتلاعب بالأرواح، والوقوف فى منتصف الشارع لتحميل الركاب، وتغيير المسار فى الشوارع الجانبية.

وأشارت تلك المصادر إلى ضرورة تطبيق نصوص قانون المرور الجديد بحسم وحزم، ضد من يخالف آداب المرور، مع أهمية الفحص الدورى للمركبات خاصة القديمة، إضافة إلى ضرورة وجود كيان مستقل تتواجد به كوادر مرورية وفنية على مستوى عال من الفكر التخطيطي لحل مشاكل المرور، وللقضاء علي الاختناقات ومواجهة الزحام والشغب.

ويطالب مختصون الحكومة بضرورة توفير وسائل مواصلات النقل الجماعي المكيفة فى الميادين العامة بمزايا محددة، وأن تتسع لجلوس جميع الركاب، ترسم تذكرة مناسب وفى متناول الجميع، مع أهمية توفيرها فى مواقف عامة للركوب بصفة دائمة كما يحدث في دول العالم المتقدم.